بقلم بلال مهدي
في ظل مناخ سياسي داخلي متوتر، وأزمة وطنية متصاعدة حول ملف السلاح غير الشرعي، يستعد لبنان يوم الأربعاء المقبل لاستقبال علي لاريجاني، ممثل المرشد الأعلى الإيراني، في إطار جولة إقليمية تشمل العراق ولبنان. هذه الزيارة، التي تأتي وسط رفض إيراني علني لقرار الحكومة اللبنانية بحصرية السلاح بيد الدولة ونزعه من كل الميليشيات، تثير تساؤلات عميقة حول أهدافها وتوقيتها.
لا يمكن النظر إلى هذه الزيارة على أنها مجرد محطة بروتوكولية في العلاقات الثنائية. فإيران، التي تتعامل مع لبنان كساحة نفوذ سياسي وعسكري، تستغل كل مناسبة لتعزيز حضورها عبر أدواتها المحلية، وعلى رأسها “حزب الله”. وصول لاريجاني في هذا الظرف هو رسالة مباشرة مفادها أن طهران ترفض أي مسار لبناني مستقل في ملف السيادة والسلاح، وتصر على تكريس نفوذها فوق القرار الوطني.
التاريخ القريب والبعيد أثبت أن التدخل الإيراني في الشأن اللبناني لم يجلب إلا الانقسام وتعميق الشرخ بين مكوّنات المجتمع. من دعم الميليشيات إلى الخطاب التحريضي الذي يُقسم اللبنانيين بين موالٍ لولاية الفقيه ورافض لها، ظلّت طهران عامل تأزيم لا عامل استقرار. اليوم، ومع تمسك الحكومة اللبنانية بمبدأ حصرية السلاح بيد الجيش، تحاول إيران، عبر هذه الزيارة، إعادة خلط الأوراق وفرض أجندتها.
ضرورة الموقف الحازم
لبنان الرسمي والشعبي مطالب باتخاذ موقف واضح يضع إيران عند حدودها، ويؤكد أن زمن الوصاية الأجنبية، أيًّا كان مصدرها، قد انتهى. يجب أن يكون الرد اللبناني على مستوى الحدث، عبر رفض أي تصريحات أو مواقف تمس بسيادة الدولة أو تشكك بقراراتها الوطنية.
كما تأكيد التزام الحكومة بقرار نزع سلاح الميليشيات دون استثناء، وتعزيز الجبهة الداخلية لمنع أي استغلال خارجي للانقسامات الداخلية.
تحذير من الفتنة
إحدى أخطر أدوات التدخل الإيراني في لبنان هي اللعب على وتر التحريض المذهبي والسياسي. أي تصريحات أو نشاطات ترافق هذه الزيارة قد تتحول إلى منصة لإعادة إنتاج خطاب الانقسام، وهو ما يستوجب يقظة وطنية وإعلامية لمواجهته.
زيارة علي لاريجاني ليست حدثًا عابرًا، بل محطة اختبار لإرادة اللبنانيين في حماية قرارهم الوطني. المعركة اليوم ليست مع شخص أو حزب، بل مع مشروع يسعى لتقويض أسس الدولة وتحويل لبنان إلى ورقة تفاوض إقليمية. وحده موقف لبناني جامع، حازم، وصريح، قادر على وضع حد لهذا التدخل، وصون السلم الأهلي من مخاطر التحريض والانقسام.