بقلم نانسي اللقيس
في لبنان، لا يوجد خطر أكبر على الدولة من وجود سلاح خارج سيطرتها. حزب الله، بسلاحه المستقل، لا يهدد فقط سيادة لبنان، بل يستنزف مؤسساته ويقتل فرص شبابنا في العيش الكريم. القرار الحكومي الأخير الذي يلزم الجيش بوضع خطة لحصر السلاح بيد الدولة قبل نهاية العام، هو محاولة حيوية لاستعادة الحد الأدنى من الدولة، لكنه قوبل برفض صريح من الحزب وحلفائه، الذين انسحبوا من جلسات الحكومة في استهتار واضح بمصير الوطن.
هذا الرفض ليس مجرد خلاف سياسي، بل هو تمسك بمنطق يعطل مؤسسات الدولة ويجعل لبنان رهينة نظام يُحكم بالقوة والسلاح. انسحاب الوزراء من جلسات الحكومة دليل واضح على قدرة هذا النظام على تعطيل أي قرار يهدد نفوذه.
التبعات كارثية، اقتصاد منهار، شباب يرزح تحت وطأة البطالة والتجنيد في صراعات لا طائل منها، ودولة تفتقد الحد الأدنى من المؤسسات الفاعلة. وجود السلاح خارج سلطة الدولة يحول لبنان إلى ساحة نزاع مستمرة، وينهب فرص التنمية والاستقرار.
على الصعيد الشعبي، لا يقتصر الأمر على دعم سياسي، بل بعض المناصرين يصرون على بقاء السلاح لكي يظلوا قادرين على التسلط على المجتمع، ويفرّغوا غضبهم في العنف، وينخرطوا في تعاطي المخدرات، والسرقة، والنهب. كثير من هؤلاء هم هاربون من القانون والعدالة، يعبثون بالأمن العام ويقوضون السلم الأهلي. هذا الواقع المرير يكشف الوجه الحقيقي لمن يدعون المقاومة بينما يزرعون الفوضى.
الرهانات الإقليمية والدولية قد تقدم حلولاً مؤقتة، لكن أي تسوية تنزع سلاح حزب الله يجب أن تُدار بشفافية ومسؤولية وطنية كاملة، عبر مؤسسات دولة مستقرة وقضاء مستقل.
في النهاية، استمرار احتكار السلاح خارج الدولة هو جريمة بحق لبنان وأجياله القادمة. المناصرون الذين يبررون هذا الواقع لا يدافعون عن “مقاومة”، بل يساعدون على استمرار نظام يستنزف البلد ويقضي على مستقبله.
آن الأوان أن يقول الشعب كلمته، وأن يفرض إرادته على من يعطلون الدولة ويقودون البلاد إلى المجهول. لبنان بحاجة إلى دولة واحدة، وسلاح واحد، ومستقبل واحد يحميه الجميع.