بقلم محمد عبدالله
يعيش الشارع السني في لبنان حالة من الاحباط والتخبط والضياع منذ استشهاد الرئيس رفيق الحريري في الرابع عشر من شباط 2005 .
الحالة الحريرية التي كونها الحريري الاب في ظروف اقليمية ودولية، جعلته محوراً أساسياً في التركيبة السياسية اللبنانية والعربية وصولاً الى العالمية .
فالرجل الذي كافح منذ نعومة اظافره، في بساتين الجنوب ساعياً الى مساعدة والده وعائلته، لم يكن يتوقع ان يصبح ذلك الاسم الذي له وقع دولي وعربي وبالطبع لبناني.
معلوم ان المشهد السوري كان يتحكم بالساحة اللبنانية إبان حقبة الحكم الأسدي. من حافظ الأب الى بشار الابن، كانت رحلة الحريري الاب من دمشق التي اتخذها في بداياته مقراً له قبيل دخوله الساحة اللبنانية، وكوّن شبكة علاقات قوية والتقى اللأفرقاء اللبنانيين في ظل علاقات سعودية – سورية مميزة سمحت له بتثبيت دور كبير في تعقيدات الملف اللبناني .
لكن دور الحريري الأب تجاوز كل المحاذير التي يخشاها النظام الأسدي العلوي، والتي تشكل الزعامة السنية العربية الكبرى التي اكتسبها خطراً وجودياً عليه، فكان قرار اغتياله كضربة استباقية. لكن سفن النظام الأسدي لم تجر بما تشتهيه رياح بشار، إذ سقط لاحقاً بثورة سورية كان للأصولية السنية دوراً كبيراً ومحورياً فيها!
من أسقط بشار هو ذلك الشاب السني احمد الشرع الذي يرأس الجمهورية العربية السورية، و يعتبره البعض فسحة الأمل للطائفة السنية ليس في سوريا فحسب وإنما في لبنان أيضاً.
يقول احدهم إن الزعامة السنية التي ينطلق منها الشرع متينة ومحصنة وخصوصاً أنه يحظى برعاية اقليمية من تركيا واحتضان عربي من دول الخليج وتحديداً المملكة العربية السعودية، وهما مؤشران اساسيان ليكون زعيما للسنة في لبنان وسوريا!
هذه المقاربة ليست محصورة بسوريا وإنما اردناها لنرى مؤثراتها
في لبنان.
لاشك في أن التأثيرات إيجابية ورفعت معنويات الطائفة السنية، بعد عقود من سيطرة المحور الايراني ومن ضمنه “حزب الله”، كما يقول أحد المراقبين.
لكن زعامة رفيق الحريري في الطائفة السنية لم تتجسد لدى أي من الذين خلفوه في رئاسة الوزراء في لبنان، فمارسوا دورهم كموظفين ولم يرتق أي منهم الى موقع الزعامة السنية، رغم انهم تبوأوا أعلى سلطة سنية هي رئاسة الوزراء!
وباسثناء هؤلاء، تبقى الإشارة الى ان الرئيس سعد الحريري، يعتبر المؤثر الأكبر في الطائفة السنية بعد استشهاد والده، رغم الظروف المحلية والاقليمية والعربية التي عاكسته وأحدثت فراغاً واحباطاً عند السنة.
لكن في الاطار نفسه، يظهر حالياً بهاء الحريري، النجل الاكبر للرئيس الشهيد، في حركة لافتة. وكانت أولى اطلالاته يوم تشييع والده حين خاطب الجمهور بعبارة “يا قوم” الشهيرة. ولكنه رضخ في ذلك الحين لقرار العائلة تسمية سعد الحريري خلفاً للشهبد.
و مع ان بهاء الحريري قام في السنوات الأخيرة بأكثر من اطلالة متقطعة وغير موفقة، الا ان حضوره الأخير الى لبنان يحمل دلالات جديدة ويجب دراسته بتأن، خصوصاً لجهة موقع المرجعيات والشخصيات التي التقاها، من مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان المعروف بقربه من الشيخ سعد، الى رئيس الوزراء نواف سلام والبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة الراعي والرؤساء الروحين، الى صهر رئيس مجلس النواب سامر كبارة في طرابلس. غير أنه لم يوفق بلقاء الرئيس نبيه بري الذي رشح من قريبين منه انه لن يستضيفه الا برفقة شقيقه سعد!
إذن، اللقاءات اللافتة لبهاء الحريري، تطرح تساؤلات حيال ما إذا كانت هناك مؤشرات عربية او سعودية لدعمه، او لتمهيد الطريق امامه، رغم ان غالبية الشارع السني لاتزال تتمسك بزعامة سعد الحريري!
السؤال الذي بطرح نفسه اليوم، هل يعود سعد الحريري الى خوض الانتخابات للحفاظ على ما تبقى من مؤيدين، رغم الظروف والعقبات، أم أنه سيترك لشقيقه محاولة العودة بالحريرية السياسية الى وهجها !
معروف ان الزعامة السنية في لبنان، مكوناتها اقليمية وعربية، فهل يكون الشرع زعيماً سنياً في لبنان وسوريا، وهو ما لمّح اليه الموفد الاميركي توم براك، أو حان الوقت ليكون هناك زعيم سني في لبنان مدعوم سورياً وعربياً؟