بقلم محمد فادي الظريف
دولة الرئيس نواف سلام، ثقتنا بكم راسخة، قائمة على نزاهتكم الوطنية وعدالتكم، وعلى تاريخكم المشرّف في إحقاق الحق. محاكم لاهاي تشهد على صرامة قلمكم وجرأتكم في اتخاذ القرارات الصائبة، رغم الضغوط والتهديدات بعقوبات دولية، إذ لم تحيدوا عن مسار العدالة، بل رسّختم صورة رجل القانون الصلب، حامل عباءة أرفع محاكم الأرض وراعي العدل الدولي.
ومع ذلك، لا يمكننا التغاضي عن الجريمة الموصوفة التي ارتُكبت بحق ثروات لبنان وأجياله، تحت ستار ما سُمّي “اتفاق الإطار لترسيم الحدود البحرية مع العدو الإسرائيلي”. فقد فُرّط بمئات المليارات من ثرواتنا النفطية في عملية مدبّرة، ابتدأت بالاستعانة بالمركز البريطاني لإبداء الرأي حول حدودنا الجنوبية، مروراً بالوسيط غير الحيادي، وما تلاها من تواطؤ كبار المسؤولين، الذي لا يخفى وصفه سوى بالخيانة العظمى.
جبهة الدفاع عن الحدود اللبنانية البرية والبحرية قد تقدمت بدعوى قضائية وعقدت مؤتمراً صحفياً كشفت فيه الوثائق والأدلة التي تظهر كيف استنزف العدو موارد لبنان منذ عام 2020. وما يزيد من مخاوفنا اليوم هو تكليف لجنة حكومية جديدة بملف الترسيم البحري مع قبرص، والتي خلت تركيبتها من خبراء تقنيين وقانونيين مختصين، بينما ضمّت أحد أبرز الأعضاء المعروف بفشله السابق في إدارة ملف الترسيم، والذي أفقد لبنان شرعية الخط 29 لاعتماده على دراسة نظرية لا على خبرة علمية متخصصة.
لهذا، نؤكد على ضرورة تعزيز اللجنة الحالية بمستشارين من أصحاب الكفاءة العلمية والخبرة التقنية والقانونية في مجال الترسيم البحري، وفق أحكام قانون البحار الدولي، الذي ساهم لبنان في صياغته عبر السفير الدكتور هشام حمدان.
نحن على يقين بأن عدالتكم ستضع هذا الملف في نصابه الوطني، ليبقى لبنان سيّد أرضه وبحره وثرواته، وفياً لأجياله ولتضحيات أبنائه.