بقلم كوثر شيا
في عالم اليوم، يُنظر إلى السكّري غالبًا كقدرٍ طبي يجب التعايش معه عبر الأدوية وحقن الإنسولين. لكن الحقيقة أن أجسادنا تملك قدرة مذهلة على الشفاء وإعادة التوازن، شرط أن نتعلّم كيف نستمع لها ونعطيها ما تحتاجه من راحة وغذاء ونَفَسٍ عميق.
البنكرياس: العضو الصامت الذي ينتظر الإصغاء
البنكرياس ليس مجرّد مصنع لإفراز الإنسولين؛ إنّه عضو حساس يتأثر مباشرةً بحالتنا النفسية. التوتّر والقلق يرسلان إشارات عصبية تُربك عمله وتضعف إفراز الإنسولين. هنا يكمن “السرّ العقلي” لمرض السكّري: عندما يعيش الإنسان تحت ضغط مستمر، يدخل الجسم في حالة إنذار (Fight or Flight)، فيرتفع الكورتيزول ويُحبس السكر في الدم بدل أن يدخل الخلايا.
التنفّس والهدوء: مفاتيح إفراز الإنسولين
التنفّس العميق والبطيء ليس فقط تقنية استرخاء، بل أداة فسيولوجية لإعادة برمجة البنكرياس. عندما يهدأ العقل ويسترخي العصب الحائر (Vagus nerve)، يتحفّز الجهاز الباراسمبثاوي، فيستعيد البنكرياس نشاطه الطبيعي. كلّ دقيقة من التنفّس الواعي تُعيد الأوكسجين للخلايا وتسمح للسكر بالعبور إليها من جديد.
الغذاء: الحكمة في المطبخ
الطعام إمّا دواء وإمّا عبء إضافي على الجسم.
• الأعشاب والأوراق المحلية: أوراق الزيتون مثال عظيم، فقد أثبتت الدراسات أنّها تخفّض مستوى السكر وتحسّن حساسية الخلايا للإنسولين. أيضًا القرفة، الحلبة، والميرمية تملك أثرًا مباشرًا في تنظيم السكر.
• الأطعمة الطازجة: الخضار الورقية، البقوليات المسلوقة، والحبوب الكاملة تُغذّي الخلايا ببطء وتحمي البنكرياس من الإجهاد.
• الماء النقي: شرب الماء بانتظام يساعد الكلى على التخلّص من الفائض من السكر.
لماذا الأدوية تضعف البنكرياس؟
عندما نعتمد على الإنسولين الخارجي بشكل كامل، يعتقد البنكرياس أنّه “لم يعد مطلوبًا منه العمل”، فيضعف مع الوقت. هذا لا يعني إيقاف الأدوية بشكل عشوائي، بل يعني أنّ الحلّ الحقيقي يبدأ بإعادة تنشيط قدرة الجسم على إنتاج الإنسولين تدريجيًا عبر الدمج بين:
1. الهدوء النفسي.
2. التنفّس الواعي.
3. نظام غذائي متوازن طبيعي.
4. الحركة اليومية البسيطة كالمشي.
سرّ التوازن: العقل قبل الجسد
مرض السكّري ليس فقط خللاً في الدم، بل رسالة من الجسد للعقل: توقّف عن الضغط، خذ نفسًا، وارجع إلى بساطة الحياة. عندما نعيد التوازن للعقل، نستعيد توازن الإنسولين.
في النهاية، السكّري ليس حكمًا بالإعاقة، بل فرصة لاكتشاف قوّة الجسد على الشفاء. البنكرياس ينتظر فقط لحظة صمت، شهيق عميق، وورقة زيتون تُذكّرنا بأن الطبيعة لم تتخلَّ عنّا أبدًا.