بقلم جويس عقيقي
في المرة الرابعة، لم يحضر وحيدًا، بل حضر الموفد الرئاسي الأميركي توم برّاك مع سلفه مورغان أورتاغوس التي عاد ليؤكد أنها ستكون خلفه.
فأورتاغوس ستعود إلى الساحة اللبنانية من بابها التفاوضي العريض، وبحسب معلومات “نداء الوطن” فإن برّاك أبلغ رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون والمسؤولين الذين التقاهم أن أورتاغوس عادت لتمسك بالملف اللبناني والمسار التفاوضي مع إسرائيل من جديد.
ولا شك أن هذا الخبر، سيروق كثيرًا للخصوم الشرسين لـ “حزب الله” وسلاحه، ولن يروق لمن هم من المدافعين الشرسين عن “حزب الله” ومحور الممانعة.
القرار اتخذ وأعلنه برّاك نفسه أمام الكاميرات وقال إن أورتاغوس عادت وانضمت إلى الفريق بطلب من الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
إذًا تم التسليم والتسلّم … وفي العودة إلى مضمون الزيارة الرابعة، نحو 40 دقيقة أمضاها برّاك في لقائه رئيس الجمهورية وبدا برّاك مسرورًا ومتفائلًا من أداء الساسة اللبنانيين وهنّأ عون على الإنجاز الذي حققته الحكومة اللبنانية بقرارها سحب سلاح “حزب الله” فشكره الرئيس عون مؤكدًا أن موقف الحكومة اللبنانية تعبيرٌ عن إيمان المسؤولين اللبنانيين بما يخدم مصلحة لبنان وجميع مواطنيه لأن الهدف هو حماية لبنان.
لكن الزيارة الرابعة لبرّاك لم تأتِ بجديد، فبحسب معلومات “نداء الوطن” هدف زيارة برّاك كان التأكد من ثبات الموقف اللبناني تجاه الورقة الأميركية قبل التوجه إلى إسرائيل لفعل الأمر نفسه، أي لتأكيد ثبات وبقاء إسرائيل على موقفها من بنود الورقة الأميركية وجدولتها، وبعدها إذا سارت الأمور على خير، تنفذ الورقة بندًا بندًا بحذافيرها وبتسلسلها الزمني المرسوم في الورقة.
وكذلك طلب الرئيس عون من برّاك الضغط على إسرائيل للسير ببنود الورقة ووقف اعتداءاتها والانسحاب من الأراضي اللبنانية وإعادة الأسرى. واللافت أن عون تبنى الورقة الأميركية “الملبننة” مرة جديدة عبر تسميتها، في البيان الصادر عن القصر الجمهوري، ورقة الإعلان المشتركة، وفي ما يشبه طلب خطوات واضحة من الجانبين الإسرائيلي والسوري تلاقي خطوة لبنان، أكد عون لضيفه أنه بعد الموقف اللبناني المعلن حيال الورقة التي تم الاتفاق عليها، المطلوب الآن من الأطراف الأخرى الالتزام بمضمون ورقة الإعلان المشتركة، كما أن المطلوب المزيد من الدعم للجيش اللبناني وتسريع الخطوات المطلوبة دوليًا لإطلاق ورشة إعادة الإعمار في المناطق التي استهدفتها الاعتداءات الإسرائيلية.
وكما عون كذلك برّاك، رمى الكرة في الملعب الإسرائيلي، فهو عبّر، من منبر القصر الجمهوري، عن سروره بالقرار اللبناني لكنه اعترف في المقابل أن لبنان قام بدوره وأنه على إسرائيل أن تبادر واعدًا بتقدّم في الأيام المقبلة وبقرب “السلام” كما قال، فبرّاك أكد في تصريحه من القصر الجمهوري أن ما حصل في ما يتعلق بمجلس الوزراء والوزراء والأشخاص، محاولة للعودة إلى المكان الذي نعرف فيه الازدهار، وأن السلام أصبح قريبًا وأضاف: “أعتقد أننا في الأسابيع المقبلة سنرى تقدمًا في نواحٍ عديدة، وهذا التقدم يعني حياة أفضل للجميع، للشعب وللجيران.
برّاك سئل عن الانسحاب الإسرائيلي وإيقاف انتهاك الاتفاقية، فأجاب أن هذه هي بالتحديد الخطوة المقبلة، مضيفًا أنه عندما نتحدث عن نزع سلاح “حزب الله” فإن الهدف من وراء ذلك هو في الواقع لمصلحة الشيعة وليس ضدهم. وأكد “برّاك” أن هناك دائماً مقاربة الـ “خطوة – خطوة” في الورقة الأميركية وأعلنها برّاك بصريح العبارة: “الحكومة اللبنانية قامت بدورها وقامت بالخطوة الأولى والآن على إسرائيل أن تبادل ذلك بخطوة مقابلة أيضًا”.
وعما سيحصل إذا كان “حزب الله” ضد قرار سحب سلاحه أجاب برّاك: “سيكونون قد فوّتوا الفرصة على أنفسهم”.
“نداء الوطن” تابعت وسألت برّاك عما سيكون عليه موقفه في حال عجزت الدولة اللبنانية عن تنفيذ سحب السلاح، وعما إذا كانوا سيعلقون المساعدات الدولية للبنان في هذه الحال فأجاب: “لا يوجد أي تهديدات، في هذه المرحلة من الوقت الجميع متعاون، فيما التعامل مع “حزب الله” وكما قلنا دومًا هو عملية لبنانية، إذًا لا أحد يفكر بالتهديد بل بالعكس”.
وأنهى برّاك تصريحه من القصر الجمهوري مهنئًا الشعب اللبناني قائلاً: “يجب أن تكونوا فخورين كثيراً بحكومتكم، “حزب الله” والشيعة وجميعكم. أردنا فترة استراحة ونريد حياة جديدة، ويجب أن يكون لبنان اللؤلؤة اللامعة في هذه المنطقة وسيكون كذلك مجدداً”.
من القصر الجمهوري انتقل برّاك وأورتاغوس للقاء قائد الجيش العماد رودولف هيكل حيث بحثا بتفاصيل الورقة الأميركية وتنفيذها وبالمساعدات المقترحة للجيش من أموال وعتاد، قبل أن يتوجها إلى عين التينة للقاء رئيس مجلس النواب نبيه بري.
اللقاء مع بري استمر نحو ساعة وربع الساعة، سأل فيه بري ضيفه الأميركي عن الالتزام الإسرائيلي باتفاق وقف إطلاق النار وبانسحابها من الأراضي اللبنانية إلى الحدود المعترف بها دوليًا، مؤكدًا أن ذلك هو مدخل الاستقرار في لبنان.
وما بين “التوريطة” و”المديح” ببري، خرج برّاك من لقائه رئيس المجلس ليصفه بالحذق وحاد الذكاء وصاحب التاريخ المذهل مضيفًا: “نحن نتحرك بالاتجاه الصحيح” وكأنه يقول بذلك أن بري اتخذ القرار الصائب، وهو جزء من اللعبة و”الديل” وأنه سار بالمقترح الأميركي.
وهنا لا بد من أن نستذكر كيف سرت معلومات في الكواليس السياسية في الأشهر الفائتة عن أن الولايات المتحدة الأميركية قد تعمد إلى فرض عقوبات على بري في حال لم يسر في المقترح أو المشروع الأميركي.
ومن “عين التينة” إلى السراي الحكومي انتقل الضيفان الأميركيان ليلتقيا رئيس الحكومة نواف سلام.
هنا، سمع برّاك من سلام كلامًا على ضرورة إسراع الإدارة الأميركية بالحصول على التزام من الجانب الإسرائيلي بكل بنود الورقة الأميركية، وعلمت “نداء الوطن” أن برّاك أكد لسلام أنه هنا ليسمع تطمينات من لبنان بشأن السير النهائي بالورقة، وأنه سيبدأ العمل مع إسرائيل فورًا بعد زيارة بيروت للحصول على تطمينات إسرائيلية والتزامات بتطبيق الورقة بكامل بنودها.
من ناحيته نوّه برّاك أمام سلام أيضًا بالقرارات الحكومية الأخيرة وما سمعه الضيف الأميركي من عون سمعه من سلام، بحيث أكد له رئيس الحكومة أنّ القرارات الصادرة عن مجلس الوزراء إنما انطلقت من المصلحة الوطنية العليا، مؤكدًا له أن من مسؤولية أميركا الضغط على إسرائيل لوقف الأعمال العدائية، والانسحاب من النقاط الخمس، والإفراج عن الأسرى.
رئيس الحكومة شدد أيضاً على أولوية دعم وتعزيز قدرات القوات المسلحة اللبنانية، مالًا وعتادًا، بما يمكّنها من أداء المهام المطلوبة منها، كذلك طالب سلام برّاك بالتزامٍ دولي علني وواضح بعقد مؤتمر لدعم إعادة الإعمار والتعافي الاقتصادي في لبنان.
وبعد زيارة الـ 20 ساعة لبيروت، غادر برّاك وأورتاغوس بيروت كل إلى وجهة معيّنة.
فمعلومات “نداء الوطن” أكدت أن برّاك اتجه مباشرةً إلى تل أبيب فيما أورتاغوس توجهت إلى مكان قريب في المنطقة، لأنها ستعود قريبًا إلى بيروت، وتحديدًا الأسبوع المقبل، لترافق السيناتورين الأميركيين Lindsey Graham و Jeanne Shaheen في زيارةٍ مترقبة لهما إلى بيروت.