واشنطن قَدُمَت اليوم بلا أقنعة…

بقلم غادة المرّ

مورغان أورتيغوس، هي الدّبلوماسيّة الأميركية التي تشغل منصب نائب المبعوث الرّئاسيّ الخاص للشرق الأوسط، منذ 2025, ضمن إدارة الرئيس ترامب. وهي تعمل تحت إشراف المبعوث الخاص، ستيف وتكوف.

خلال زيارتها الثانية الى بيروت، شدّدت أورتيغوس على ضرورة تفكيك حزب الله وتسليح الجيش اللبناني، كشرط أساسيّ لاستعادة الاستقرار وسيطرة الدّولة على كامل أراضيها.

كما وصفت مشاركة وزراء يمثلون حزب الله بالخط الأحمر، مؤكّدة أنّ واشنطن لن تتسامح مع مشاركة حزب الله بأيّ شكل من الأشكال.

كما أكّدت مورغان أيضاً، أنّ حزب الله يجب أن يسلّم سلاحه في أسرع وقت ممكن، داعية الى تعزيز قدرات الجيش لتحقيق هذا الهدف. كما حملت في أجندتها الارجوانية اللون شرطاً آخراً ، لا يقلّ أهمية عن ما سبقه، وهو ضرورة إغلاق القرض الحسن بكامل فروعه على كافة الأراضي اللبنانية.

قدمت ببدلة رسمية، نظارات شمسيّة ،تسريحة ناعمة وخطى واثقة، أطلّت متأبطة أجندة وقلماً، ووراء ابتسامة خجولة قبعت رسائل إنذار مبكّرة… أبواب بيروت.

بهدوء أوصلت الرسالة والإنذار الصارم وبلحظة بدت واشنطن بلا مجاملات أو أقنعة: أشادت أورتيغوس بالجهود الكبيرة التي صدرت عن الرئاستين الأولى والثانية، مثمَنة جهود الدولة في استعادة قرارها وبسط نفوذها وهيبتها على كامل أراضيها، لكن هي خطوة في الألف ميل… الورقة الأميركيّة هي مطالب لبنانيَة رسمية وشعبية.

الشروط التي طرحتها أورتيغوس على الطاولة، ومشت بعدها مغادرة بيروت، في طريق العودة الى واشنطن.

١- نزع سلاح حزب الله والميليشيات الأخرى ومن المخيَمات الفلسطينيّة. في أسرع وقت ممكن، على أن يتولَى الجيش اللبناني المهمة .
٢- عدم السَماح لحزب الله بالمشاركة في الحكومة اللبنانية، مع وضع هذا الشرط خطاً أحمراً لا يمكن تجاوزه. ويشكل هذا دعماً للأفكار الإصلاحية وضرورة تشكيل حكومة نظيفة وفاعلة.
٣- ضرورة إغلاق كافة فروع القرض الحسن وحظره كما حظر ، في وقت سابق، مصرف لبنان التعامل مع القرض الحسن .
٤- بسط سلطة الدّولة ومصادرة السلاح حتى الخفيف والمتوسط منه وعلى كامل الأراضي اللبنانية.
٥- بالمقابل، تضغط واشنطن على إسرائيل وتطالبها بالانسحاب من الأراضي اللبنانيّة ومن النقاط الخمس التي مازالت تحتلَها. وتلتزم إسرائيل بضرورة وقف الضربات الجويَة والقصف، كخطوات مقابل الخطوات التي خططتها الدولة نحو حصر السلاح بالجيش اللبناني وبسط سيادتها على أراضيها واستعادت قراراتها السَياديّة.

أمام هذه الصورة اليوم نحن أمام احتمالين: إمّا يرضخ الحزب ويسلَم السلاح ويدخل الى اللعبة السياسية ويفاوض على مكاسب سياسية …

هذا ما سيحصل على الساحة:

١- تعزيز سلطة الّدولة وبسط سيادتها على كامل أراضيها، انتشار الجيش على الحدود وإمساكه بزمام الأمور وضبط إيقاع السلام والازدهار وإعادة إعمار الجنوب ، وعودة العجلة الاقتصادية للبلاد ، للدوران.
٢-إعادة ترتيب الخارطة السياسيّة، ما يغيَر موازين القوى في الحكومة والبرلمان والسلطة ككلّ .
٣-فرص استثمار ودعم دوليّ كبير ، وسيحصل لبنان من الغرب وواشنطن على مساعدات اقتصادية وماليَة ، بعد ضمان الاستقرار الأمنيَ .
٤- تأثيره على المنطقة : قد يعمد الحزب لرفض هذه الشروط ويحاول مقاومة نزع سلاحه ، ما قد يؤدّي لاضطرابات واحداث محدودة.

أما في حال رفض الحزب نزع سلاحه بالكامل:

١- سيؤدّي لتصعيد أمنيَ داخليّ، قد يأخذ طابعاً محدوداً أو واسعاً، سيعمل الجيش اللبناني على فرض هذه المقرَرات بالقوة ، وربما تكون المواجهات صعبة ، لخبرة حزب الله القتالية وانتشاره في الجنوب وبيروت والبقاع.
٢- احتمال نشوب حرب أهليّة وقد تتصاعد الاشتباكات في مناطق محدودة ، اذا ما حاول الجيش محاصرة وتفكيك مواقع الحزب.
٣-سيكون هناك انقساماً داخليَاً وضغطاً شعبيّاً من بيئة الحزب، يقابله باقي مكونات الشعب اللبناني.

أمّا التأثير الخارجي ، لن يكون بمنأى عن الإحداث:

١- ستضغط واشنطن والغرب بفرض عقوبات جديدة على الحزب وحلفائه وستدعم الجيش اللبناني لتنفيذ القرارات الدولية والسلطة اللبنانية.
٢- قد تعمد إسرائيل للقيام بهجمات وضربات على مواقع الحزب ومخازن السلاح ومراكز التدريب، وقد يتدخل الشرع بقاعاً وشمالاً لمساندة الدولة في فرض سيطرتها وحصر السلاح بيدها.
٣- قد تقدم إيران على دعم ذراعها ،حزب الله، دعماً سياسياً وماليّاً وربما لوجستيَاً، لتعويض اي ضغط أميركيّ أو إسرائيليَ ما سيجعل الوضع أكثر تعقيداً.

كلّ هذه السيناريوهات واردة ، وكلّ ذلك يتوقّف على نتائج المفاوضات الأميركيَة – الإيرانيّة المباشرة، كما يتوقف على ما تمّ الاتفاق عليه بين القطبين في الاسكا بين ترامب وبوتين.

وقد بدأت تتكشّف ملامح صفقة تمّت ويبدو أن الأمور متّجهة للحلحلة وانهاء حرب أوكرانيا – روسيا قريباً. فهل أرضى النسر الدّب الأبيض في أوكرانيا مقابل سوريا ولبنان والتخلَي عن الحليفة إيران؟

كلّ ذلك سيتبلور مع مرور الوقت وحصول الإحداث. فلننتظر …

ولنختم الوجع والقلق بابتسامة قالها لي اليوم صديقاً غالياً ممازحاً وتعليقاً على صورة مورغان أورتيغوس وهي تدخل ممسكة بأجندة حمراء داكنة وقلماً ونظّارات شمسية ما سيلي : عندما زارت أورتيغوس عين التينة، ودخلت حاملة الأجندة الحمراء والقلم، عادت والغضب بعينيّها، قالت يا برّي لا تحزن، فاسمك يا سندي، اسمك مكتوب مكتوب هنا في “my” أجندة، وستلحق بك لعنة وغضب الجيران، وستفتّش عن أموالك ومنصبك والكرسي هذا يا سندي دهراً ولن تجده، اذا عارضت ولم تنفذ ما قرأته لك في فنجان القهوة هذا .

فحذار يا برّي حذار، انفصل عن الحزب وايران والاّ ستفتشّ عن هذا الكرسيّ … والأموال مفقودة مفقودة يا برّي ،وسيكون طريقك مسدود مسدود.

فلا تغضب امرأة، لا تغضب مورغان أورتيغوس وتعقّل يا سندي.

اخترنا لك