الشيعة و”ورقة 7 آب”

بقلم مروان الأمين

منذ إقرار الحكومة اللبنانية قرار حصر السلاح بيد الشرعية، والموافقة على الورقة المنبثقة من المفاوضات بين الرؤساء والموفد الأميركي توم برّاك، اندلعت حملة سياسية وإعلامية من جانب “حزب الله”، وجّهت اتهامات مباشرة إلى الرئيسين جوزاف عون ونوّاف سلام، وإلى الحكومة مجتمعة، بتنفيذ أجندة أميركية – إسرائيلية، وبالخضوع لما وصفه “الحزب” بـ”الإملاءات الأميركية”.

وإذا ما سلّمنا جدلًا بأن “ورقة 7 آب” التي أقرّتها الحكومة تُمثّل بالفعل وثيقة أميركية – إسرائيلية خالصة، من دون أي دور للرئيسين عون وسلام في تعديل بنودها أو إعادة صياغتها، يبرز سؤال جوهري: ما هو مضمون هذه الورقة على وجه التحديد؟ والأهم، هل تنطوي على أي مصلحة للبنان عمومًا، وللبيئة الشيعية خصوصًأ، أم أنها إطار جديد يتناقض مع المصلحة اللبنانية ويشكّل تهديدًا للمُكوّن الشيعي؟

“ورقة 7 آب” التي أقرّتها الحكومة اللبنانية، ترسم مسارًا يقوم على مبدأ “خطوة مقابل خطوة” بين لبنان وإسرائيل، وصولًا في مرحلته النهائية إلى تسليم “حزب الله” سلاحه بالكامل إلى الدولة اللبنانية، مقابل انسحاب إسرائيل الكامل من الأراضي اللبنانية.

وتتضمّن الورقة بنودًا أساسية أبرزها ترسيم الحدود بين لبنان وكلّ من إسرائيل وسوريا، على أن تتولّى الأجهزة الرسمية اللبنانية حصرًا مهمة ضبط الحدود. كما تنص على إطلاق سراح الأسرى اللبنانيين لدى إسرائيل، ووقف جميع أشكال الخروقات الإسرائيلية.

كما أنها تتضمن بندًا مهمًأ، يتمثّل بالدعوة إلى عقد مؤتمر دولي مخصّص لدعم الاقتصاد اللبناني وتمويل مشاريع إعادة الإعمار.

هذه هي خلاصة “ورقة 7 آب” التي أقرتها الحكومة ورفضها “حزب الله” ووصمها بالإملاءات الأميركية – الإسرائيلية. غير أنّ المفارقة اللافتة تكمن في أنّ اتفاق وقف إطلاق النار، الذي فاوض عليه “الحزب” نفسه وقبل به رغم وصفه بـ “اتفاق الإذعان”، لم يتضمّن أيًا من البنود التي شملتها “ورقة 7 آب”، وعلى رأسها إعادة الإعمار وإطلاق سراح الأسرى.

رغم ما يحاول “حزب الله” أن يثير حول “ورقة 7 آب” من جدل، إلّا أن لا خيار غيرها يُرسي مسار انسحاب إسرائيلي كامل من الجنوب، وهذا ما يعجز الشيخ نعيم قاسم عن تحقيقه رغم شعاراته المُعلنة. كما أنها تحمل في جوهرها فرصة فعلية لوضع حدّ لمعاناة أهالي الجنوب، من خلال إنهاء مرحلة تحويل قراهم وبلداتهم إلى ساحة لصراعات مفتوحة، أسس لها اتفاق القاهرة 1969 وتوارثها الفلسطيني والسوري والإيراني.

والأهم أنّ هذه الورقة تضع على الطاولة خطة لإعادة إعمار ما دمّرته حروب ومغامرات “الحزب”، بعد أن تنصّل من وعوده السابقة بترميم بيوت الجنوبيين وإعادتها “كما كانت وأجمل”. من هنا، فإنّ الرفض الذي أبداه “الحزب” ليس مجرد اعتراض على بنود تقنية، بل كان رفضاً لمسار بديل سيفضي إلى تسليم سلاح وعودة الاستقرار والإعمار إلى الجنوبيين. يضع “حزب الله” سلاحه فوق اعتبارات استقرار الشيعة وعودة الناس إلى قراهم وبلداتهم وإعادة إعمار بيوتهم. من هذا المنطلق جاء رفضه لـ”ورقة 7 آب”.

السؤال اليوم لا يجب أن يدور حول ما إذا كان سلاح “حزب الله” قادر على حماية لبنان والشيعة أم لا، بل السؤال الجوهري اليوم، هو: من سيحمي لبنان والشيعة في حال لم يسلّم “حزب الله” سلاحه للدولة؟

اخترنا لك