المعارضون الشيعة، هل هم في خطر؟

بقلم علي الضيقه

في المشهد السياسي اللبناني، يشكّل الصوت المعارض داخل الطائفة الشيعية حالة خاصة ، بل وربما استثنائية. فالمعادلة القائمة منذ عقود جعلت من الثنائية الشيعية قوةً متحكّمة في القرار السياسي والأمني والاجتماعي، بحيث انحسر الهامش أمام أي رأي مختلف ، مهما كانت بساطته.

المعارض الشيعي ليس مجرد خصم سياسي، بل يُنظر إليه كخارج عن الإجماع المفروض ، وكمن يهدّد وحدة الطائفة ويضعف موقعها في مواجهة الخصوم الآخرين. هذا التصنيف وحده كفيل بأن يعرّض صاحبه للعزلة الاجتماعية ، والتضييق المهني، وربما الملاحقة الأمنية والتهديد المباشر .

الخطر على المعارضين الشيعة يتخذ أشكالاً متعدّدة. ففي البيئات المغلقة، يُمارس ضغط شديد على العائلات، حيث يصبح موقف فرد واحد سبباً لمقاطعة اجتماعية بأكملها. وفي الجامعات أو ساحات العمل، يُحاصر الشاب الشيعي المختلف، وتُقطع عنه شبكات الدعم، بل قد يُتهم بالخيانة لمجرد التعبير عن رأي ناقد . أما في المجال الإعلامي، فإن أصوات المعارضة تُحاصر عبر التشويه والتخوين، لتبدو كأنها صدى لمشاريع خارجية ، في حين أنّ جوهر اعتراضها غالباً ما يكون لبنانياً بحتاً ، نابعا من رغبة في التحرر من سطوة السلاح والوصاية السياسية.

البيئة الأمنية هي الأخطر، إذ أنّ سابقة اغتيال قادة ورموز معارضين ، أو استهداف ناشطين بالاعتداء والتهديد ، تجعل أي معارض شيعي يعيش تحت هاجس الخوف. فلا ضمانات قضائية ولا حماية أمنية فعلية ، خصوصاً حين تكون الجهة المتهمة بالاعتداء هي نفسها صاحبة النفوذ على الأرض. في مثل هذه الأجواء ، يتحوّل التعبير عن الموقف إلى مغامرة قد تكلّف صاحبها حياته أو حريته أو لقمة عيشه.

ومع ذلك، فإن وجود أصوات معارضة داخل الطائفة الشيعية يشكّل علامة صحية على أن الاحتكار لم يكتمل، وأنّ الوعي يتسلل إلى القواعد الشعبية مهما كانت محاصرة. فالمعترضون ، على قلتهم ، يمثلون شجاعة نادرة في مواجهة جدار الخوف. لكن السؤال الذي يفرض نفسه : إلى أي مدى يستطيع هؤلاء الاستمرار، في ظل غياب مظلة وطنية حقيقية تحميهم، وفي ظل سلطة ثنائية تمتلك أدوات المال والسلاح والهيمنة الإعلامية والاجتماعية؟

الجواب المؤلم أنّ المعارضين الشيعة فعلاً في خطر ، ليس فقط على حياتهم، بل على مستقبلهم وحريتهم وموقعهم بين أهلهم. والخطر الأكبر يكمن في أن المجتمع اللبناني بأسره يقبل، بصمته، أن تُختزل طائفة كاملة برأي واحد وزعيم واحد وسلاح واحد ، فيما يُعاقب المختلف ويُدفع نحو العزلة. إنها مأساة الديمقراطية المشوّهة، حيث المعارضة في بعض البيئات جريمة لا تُغتفر .

اخترنا لك