بقلم كوثر شيا
الكوليسترول… إشارات الجسد أم أرقام تُسوّق. على مدى عقود، اعتُبر ارتفاع الكوليسترول تهديدًا مطلقًا للصحة، لكن الحقيقة أعمق وأكثر تعقيدًا. القراءات المخبرية للكوليسترول لم تكن ثابتة أبدًا. ما كان يُعتبر طبيعيًا في خمسينات وستينات القرن الماضي قد يظهر اليوم مرتفعًا، ليس بالضرورة لأن الجسم تغير، بل بسبب الاختلافات في طرق القياس والمعايير المخبرية.
هذا التغير في القراءات لم يكن محايدًا تمامًا. بعض الخبراء يشيرون إلى أن تعديل المعايير وتقديم أرقام أقل “مثالية” ساعد شركات الأدوية على توسيع سوقها، وتحويل المرضى إلى مستهلكين دائمين، بينما يمكن للجسم في كثير من الحالات أن يوازن نفسه إذا دعمناه بالأسلوب الصحيح للحياة.
الرسالة الأساسية: الكوليسترول ليس عدوًا، بل إشارة للجسد حول التوازن الداخلي، ومن المهم أن نفهم القراءات ضمن سياق شامل وليس فقط كرقم يُصنف على أنه “خطير”.
تطور الفهم الطبي والقراءات المخبرية
في منتصف القرن العشرين، كانت المختبرات تقيس الكوليسترول بأدوات محدودة الدقة، وغالبًا ما أظهرت أرقامًا أعلى أو أقل بشكل غير دقيق. لاحقًا، ومع اعتماد طرق قياس أكثر تطورًا ومعايير موحدة عالميًا، ظهرت قراءات جديدة أقل أو أعلى من السابق، ما أدى إلى إعادة تعريف ما يسمى “المستوى الطبيعي”.
في الوقت نفسه، أصبحت شركات الأدوية تنتج وتروّج ستاتينات وأدوية خافضة تُصنّف كأدوية مضادة للكوليسترول، مع التركيز على الأرقام الجديدة التي جعلت أعدادًا أكبر من المرضى بحاجةٍ إلى الدواء بشكل دائم. النتيجة: مليارات الدولارات في صناعة الأدوية، بينما كثير من المرضى يمكن أن يكونوا قد استعادوا التوازن الذاتي للجسم عبر أساليب شمولية.
إنزيم IDO1: نافذة نحو فهم أعمق
أظهرت أبحاث حديثة أن الالتهاب المزمن، وليس الكوليسترول فقط، هو ما يعيق الجسم عن تنظيم الدهون بشكل صحيح. إنزيم IDO1، على سبيل المثال، يؤثر على خلايا المناعة ويمنعها من معالجة الكوليسترول، ما يؤدي إلى تراكم الدهون داخل الشرايين.
هذه الاكتشافات تفتح آفاقًا لعلاج يستهدف الجذر الحقيقي للمشكلة – الالتهاب المزمن، وليس مجرد خفض الأرقام في الدم.
الطب التكاملي: دعم الجسم قبل الاعتماد على الأدوية
خلي جسمك يدافع عن نفسه ويعالج نفسه بنفسه.
النهج التكاملي يرى أن الجسم لديه القدرة الطبيعية على استعادة التوازن والشفاء الذاتي. قبل التفكير في الستاتينات أو أي من الأدوية المزمنة التي قد تقلل قدرة الجسم على الاعتماد على نفسه، وتجعله يفرز حاجته للدواء كحل بديل، يمكن تعزيز هذه القدرة عبر:
• الغذاء الصحي: نباتي غني بالألياف، دهون صحية وأطعمة مضادة للالتهاب
• النشاط البدني: حركة واعية، مشي، وتمارين تقوي القلب والدورة الدموية
• إدارة التوتر: التأمل، التوازن النفسي والروحي
• النوم العميق: لتنقية الجسد وتجديد الخلايا
بهذه الطريقة، يمكن للجسم أن يتوازن طبيعيًا، وتصبح الأدوية اختيارًا داعمًا، وليس الحل الوحيد.
المستقبل بين العلم والوعي
الاكتشافات مثل IDO1 توضح أن التركيز على الأرقام فقط ليس كافيًا. الأرقام المخبرية تغيرت عبر الزمن لأسباب تقنية وتجارية، والشفاء الحقيقي يأتي من الاستماع إلى جسدنا ودعمه بالوعي، الغذاء، الحركة، والتوازن الروحي.
الكوليسترول ليس عدوًا. هو رسالة للجسم تدعونا لإعادة التوازن وليس لإنتاج أرباح لشركات الأدوية. الفهم الصحيح لهذه الإشارة يمكن أن يحدد متى يحتاج الجسم إلى دواء، ومتى يمكنه الاعتماد على قدرته الذاتية للشفاء.