بين سلاح الدولة و”سيكي لح لح” الوهم : أيهما أسهل وأجدى؟

بقلم بلال مهدي

النقاش حول مصير سلاح “حزب الله” لم يعد محصوراً بالشعارات أو المزايدات السياسية، بل صار مسألة أمن قومي لبناني. المقارنة اليوم تفرض نفسها، هل الأسهل تسليم السلاح إلى الجيش اللبناني ضمن خطة واضحة لحصرية السلاح بيد الدولة، أم تركه عرضة للاختراق والعبث، بحيث يصبح العدو الصهيوني هو المستفيد الأكبر، فيدّعي بطولات ومهمات داخل الأراضي اللبنانية على حساب تراجع قوة مقاتلي الحزب وفقدانهم القدرة على كشف التحركات السرية جنوباً؟

جريمة “وادي زبقين” الأخيرة، التي أسفرت عن استشهاد ستة عسكريين من الجيش اللبناني، كشفت حجم الخلل. فبينما أكدت مصادر الحزب أن العدو فخخ المكان لاستهداف الجيش، أفادت مصادر أمنية أخرى بأن الهدف كان قوات “اليونيفيل” التي زارت الموقع قبل أيام، من دون أن تكتشف أي عبوة أو “تشريكه” متفجرة، رغم تفوقها التقني وتزوّدها بأجهزة متطورة تفوق قدرات الجيش اللبناني. هذا يثير سؤالاً بديهياً، إذا لم تستطع “اليونيفيل” كشف المتفجرات، وإذا لم يوفّر الحزب أي حماية لمخازنه ومواقعه، ألا يصبح السلاح المتروك بلا حراسة عرضة للسرقة، أو حتى للاستغلال التجاري غير الشرعي، بطريقة تخدم العدو أكثر مما تحمي لبنان؟

التمسك بالمخازن من دون إشراف الدولة لا يؤدي إلا إلى نتيجة واحدة، إضعاف الداخل اللبناني، وتقديم خدمة مجانية للعدو. المخازن المتروكة لمصيرها تمثل ثغرة خطيرة، إذ يمكن لأي جهة الوصول إليها أو العبث بها، ما يفتح الباب للفوضى أو للاختراقات الاستخباراتية. في المقابل، تسليم هذه الذخائر والسلاح الثقيل للجيش اللبناني يضمن تنظيمها ضمن العقيدة الوطنية، ويحوّلها إلى رصيد دفاعي حقيقي للدولة بدلاً من كونها عبئاً وخطراً دائماً.

ما نشرته صحيفة “إسرائيل اليوم” عن العمليات السرية التي نفذتها وحدات خاصة من جيش الاحتلال داخل لبنان يكمل الصورة. أكثر من 200 “عملية جريئة”، نفذت على مدار أشهر، استهدفت البنية التحتية للحزب وقدراته العسكرية، وعاد منفذوها سالمين باستثناء حادث واحد. هذه الاعترافات تكشف مدى قدرة الاحتلال على التغلغل والوصول إلى أي نقطة في الداخل اللبناني، من دون أن يواجه مقاومة جدية أو رصد فعال. والأخطر أن الحزب نفسه أدرك أن العدو يعرف كيف ومتى يصل إلى أي مكان، وأن مقاتلي الحزب باتوا يعيشون تحت شعور دائم بالاضطهاد والاختراق.

المعادلة باتت واضحة، التمسك بسلاح غير شرعي خارج سلطة الدولة لم يعد ضمانة للبنان، بل أصبح عبئاً يسهّل على العدو تنفيذ عملياته بأقل خسائر ممكنة، فيما يتعرض الجيش اللبناني وأبناؤه للخطر المباشر نتيجة هذا الواقع. أما حصر السلاح بيد الجيش، فيمثل الخيار الأقل كلفة والأكثر فعالية، لأنه يعيد المبادرة إلى مؤسسات الدولة، ويحرم العدو من مبررات ادعاء البطولة على أرض لبنانية مكشوفة.

الحكمة الأمنية والعسكرية تفرض الاعتراف بالحقيقة، ترك السلاح في مخازن غير شرعية هو غباء استراتيجي، أما وضعه في يد الجيش اللبناني فهو الضمانة الوحيدة لحماية الوطن من الاختراقات، ولإغلاق الباب أمام أي استغلال أو متاجرة أو ادعاءات وهمية من العدو الصهيوني.

اخترنا لك