حين يتحول الاختلاف السياسي إلى جريمة عائلية مدفوعة الثمن

بقلم رياض عيسى

ما جرى مع الإعلامي الصديق محمد بركات ليس مجرد حادثة عائلية أو خلاف داخلي، بل هو رسالة سياسية خطيرة جداً أراد حزب الله تمريرها عبر بيان وُقِّع باسم عائلته تتبرأ فيه من أحد ابنهائها ، رغم أن أكثر من شخص من العائلة صرح ببيان لاحق نفى هذه الرواية وأكد أن لاصحة لمثل هذا البيان وأنهم حتى ولو اختلفوا مع محمد ولا وافقوه على كل آرائه إلا أنها لا تصل إلى حد التبرؤ منه.

إن خطورة ما حصل تكمن في أن يُستَخدم اسم العائلة كسيفٍ مسلطٍ على رقبة أي فرد يجرؤ على التعبير عن رأي مغاير، وكأن المطلوب هو أن يُقتل معنوياً واجتماعياً قبل أن يُقتل جسدياً. إنها محاولة واضحة للقول: “هذا مصير كل من يخالفنا الرأي”.

محمد بركات لم يرتكب جريمة، كل ما فعله أنه يقول رأياً سياسياً يختلف عن بيئته، يدافع عن فكرة الدولة وعن حصرية السلاح بيد الجيش اللبناني، ورفض زج لبنان في حروب الآخرين. هذا حقه الطبيعي كمواطن وصحافي، وهذا جوهر الحريات التي نصّ عليها الدستور والمواثيق الدولية التي التزم بها لبنان، وهل هذه اصبحا تهمة.

إن تحويل الخلاف السياسي إلى عقوبة اجتماعية بالنبذ أو التشهير هو اغتيال بارد للحريات، وهو أخطر من الرصاص، لأنه يُرهب كل صاحب فكر حر. وما جرى بالأمس هو إنذار لكل شاب أو ناشط يفكر بالخروج عن طاعة “المحور” بأن الثمن سيكون سمعته وكرامته وحتى أسرته.

لكن التاريخ علمنا أن أمثال محمد بركات هم الذين يفتحون كوة في جدار الخوف. وكل بيان مدفوع الثمن لن يُلغي حقيقة أنه يمثل شريحة من المواطنين اللبناني التوّاقين إلى دولة حقيقية، وأنه لم ولن يكون وحده.

اخترنا لك