6 أيام قبل الذهاب الى “مليونية” جديدة في شوارع #فرنسا!

ماكرون يسقط في الشارع كما سقط في البرلمان!

#ماكرون يسقط في الشارع كما سقط في البرلمان!

بقلم سمير سكاف – كاتب وخبير في الشؤون الدولية

أعطى التجمع النقابي الفرنسي، الذي يضم 8 نقابات كبرى، رئيس الحكومة الفرنسية الجديد سيباستيان لوكورنو مهلة 6 أيام للرد على مطالبه قبل “مليونية” جديدة في شوارع فرنسا!

وفي الواقع، لن تتوقف تظاهرات فرنسا النقابية، التي انطلقت في 18 أيلول/سبتمبر الجاري، والتي عمت شوارع معظم المدن الفرنسية. (بعد مظاهرة شعبية كانت قد سبقتها بأيام عدة)!

فالاجتماعات النقابية مستمرة في وجه حكومة مستقيلة، كما في وجه حكومة لم تتألف بعد! وهي قد تلجأ الى الاضراب العام من جديد بين 26 و28 أيلول/ سبتمبر الجاري.

ولكن التجمع النقابي يدرك أن لا شيء يمكن أن يتغير في هذه المهلة القصيرة، غير الكافية حتى، لتشكيل حكومة جديدة قادرة على الصمود.

وهو ما ينذر بسلسلة اضرابات عامة وتظاهرات لا تنتهي!

ما هي أبرز مطالب الشارع؟!

الموازنة، تراجع القدرة الشرائية، تراجع التقديمات الاجتماعية، تراجع التقديمات الاستشفائية، تحسين النظام التقاعدي بدلاً من المس به سلباً، زيادة الضرائب على الفقراء وعلى الشعب “العادي”، وتجنب زيادة الضرائب على الثروات الكبرى… هي من المطالب الأساسية لهذه التحركات النقابية!

ولا يهم اختلاف تحديد الأحجام بين المتظاهرين والشرطة. فأرقام المتظاهرين تحدثت عن مليون متظاهر في 18 أيلول/سبتمبر الماضي، في حين أن تقديرات الشرطة حصرت عددهم بحوالى 300.000 الى نصف مليون متظاهر على الأكثر.

باريس كالعادة تصدرت بحجمها التظاهرات وموجات الاعتراضات الفرنسية، تلتها تولوز وليون ومارسيليا ونانت… والهم الأساسي للمتظاهرين هذه المرة هو هم معيشي، يرتكز على الخوف من الحاضر ومن المستقبل…

تخوف من هجرة الثروات الكبرى

هذا في حين أن التخوف الدائم لأصحاب القرار هو من هجرة الثروات الفرنسية الى البلدان المجاورة مثل موناكو ويلجيكا وإيرلندا وغيرها إذا ما فُرضت عليها ضرائب جديدة!

ثروات كبرى تساهم في خلق وظائف إضافية، وهي إذا ما هربت، فإنها ستحرم فرنسا حجماً كبيراً من مداخيل الخزينة!

تظاهرات كثيرة، والهم واحد!

110.000 طالب، 12 كلية جامعية مقفلة، أكثر من 300 استجواب، وحوالى 140 موقوفاً وأكثر من 25 جريحاً من الشرطة… هذه هي الارقام الموجزة الاضافية للتظاهرات الأخيرة…

وتختلف هذه التظاهرات في الشكل عن تظاهرة التحركات الشعبية “لنعطل كل شيء” Bloquons Tous، التي كانت انطلقت في الأسابيع الماضية من خلال وسائل التواصل الاجتماعي. وتبنتها حركة “فرنسا الأبية”، التي تُصنف باليسارية المتطرفة!

وهذه التحركات الشعبية تراقب التحرك النقابي ومهلة الأيام الستة، وتتحضر لتحرك جديد.

ولكن الهدف من هذه التظاهرات هو واحد! وهو حماية الفرنسيين من “الخضات” والعواصف المالية التي تهدد فرنسا.

ويستحيل أن تَعبر فرنسا هذه العواصف من دون أضرار موجعة. فالتظاهرات تتوالى ولا تتشابه. وهي تجتمع على هدف واحد، وهو تحميل الرئيس الفرنسي الحالي إيمانويل ماكرون مسؤولية هذه الكوارث بسبب سوء إدارته للبلاد!

موقف فرنسا الكارثي من الحرب الروسية – الأوكرانية!

ماكرون أضاف كوارث إضافية خارجية على الكوارث الداخلية! وأبرزها هي في موضوع استنزاف حرب روسيا – وأوكرانيا للاقتصاد الفرنسي وللشعب الفرنسي، كما للاقتصادات الأوروبية كافة! فذهبت فرنسا وأوروبا الى “الاسناد” بدلاً من الدعم في الحياد، ومحاولة إطفاء الحريق الأوروبي!

وقد قام ماكرون، بعكس سياسة الرئيس الراحل جاك شيراك، بمعاداة روسيا وبالاستمرار بدفع مبالغ طائلة لأوكرانيا تحترق هباءاً مع رصاص الجبهات من دون أي أفق في الحرب، لا للانتصار ولا لاستعادة الأراضي!

وهذا، في ظل خلاف جذري مع الحليف الأميركي بقيادة الرئيس دونالد ترامب. خلاف يتكشف في الأهداف وفي استعادة الأراضي، التي تسيطر عليها روسيا، وتعتبرها أوكرانيا أوكرانية!

وذلك، بعد “التفهم الأميركي للمصالح الروسية في أوكرانيا”، وبعد التعاون الأميركي – الروسي الواضح، المباشر وغير المباشر، في قمة ألاسكا!

لا صوت يعلو فوق صوت الشارع!

وما يمكن ملاحظته أن حركة الشارع في فرنسا مستمرة. وهي قد تشهد انضمام نقابي آخر من نقابات متعددة دفاعاً عن حقوق الفرنسيين. ولكن الحركة لا تطمأن لا الداخل الفرنسي ولا أوساط الحلفاء الأوروببيين!

تظاهرات سياسية، تظاهرات شعبية، وتظاهرات نقابية، “والحبل على الجرار”… ما يعني أن درب جلجلة فرنسا ما يزالاً طويلاً!

انقسامات سياسية من دون أفق!

في السياسة، انقسامات سياسية حادة لا مجال لإصلاحها بين 4 مجموعات سياسية، 3 منها كبار. وبين غياب وجود أكثرية مطلقة، حتى بالتحالفات!

وها هي فرنسا تتحضر لحكومة مقبلة يستحيل أن تنجح! وهي الحكومة الفرنسية الخامسة في سنتين!

انقسامات سياسية مبنية على الأزمات المالية التي أوصلت الدين العام الفرنسي الى حوالى 4 تريليون يورو.

لا حلول في الأفق في فرنسا باستثناء خطة انقاذ من البنك المركزي الأوروبي، وانتخاب رئيس جديد للجمهورية في العام 2027!

وفي غياب الحلول، وفي ظل الانقسامات، وفي ظل تساقط الحكومات كأوراق الشجر، فإن الكلمة الآن… للشارع! ولا صوت يعلو فوق صوت الشارع!

اخترنا لك