سيّدي الرئيس… لا تفلتِ الوطن، إذا ضاع، لن يكون هناك وطن لنا بديل…
أين نحن الآن ؟ في القاع … نحو جهنّم ؟ جيد لن نسقط ولن نخسر أكثر...
بقلم غادة المرّ
رسالة من القلب في جيبي، قبل أن نستقلّ جميعنا الرّحلة الأخيرة نحو جهنّم، ونحو شحادة وطن في المستقبل.البطاقات لا تُردّ ولا تستبدل والأهم لا تؤجّل. هي تذكرة ذهاب دون إياب، إن خسرنا الوطن وهذه الفرصة الذهبيّة الآن، ليس هناك من وطن بديل… اقتضى التوضيح.
سيّدي الرّئيس …
نحن أحياء لم تعلن وفاتهم بعد.
كيف نخبرك أننّا هنا على اليابسة نغرق؟… ولسنا بخير، وأننّا نعيش في الجحيم منذ دهر.؟كيف نخبرك أنّ قلوبنا غدت فُتاتاً من زجاج ودمع، وكنّا نحن من تفتّت قلوبهم بين أيديهم من شدّة الألم والخيبات المتكررّة، والّتي لن تنتهي.
سيّدي الرّئيس…
في هذا اللَيل الكئيب، قاومنا وصمدنا وكانت ثورتنا وأحلامنا، ولطالما صرخنا و أردناها أن تعيش وتنقذنا من هذا الجحيم. لطالما أردنا أن نقاتل على جميع الجبهات من أجل أن ننقذ الوطن.
لم يسمع نداءنا، و وجعنا أحد في السّلطة النائمة والغافلة ،كي لا نقول المتواطئة، عن مأساة هذا الوطن.
أ رأيت كيف شوّهوا مدينتي والشوارع والأبنية والطَرقات؟ حزين جداً أن مدننا وشوارعنا وطرقاتنا التي نسكنها ونتجوّل فيها ، ما عادت تشبه تلك التّي طالما سكنت فينا، كنجوم في السّماء انطفأت.
أ أخبركَ عن وجع أمّهات ودّعن فلذات أكبادهّن، سافروا بحثاً عن مستقبل وحياة كريمة؟ عن الجوع الّذي ينام ويسكن خلف الجدّران، عن ألوف من الناس يفكرون في الهجرة بعد أن كفروا بهذا الوضع المذلّ والمقيت؟ عن تعب وجنى عمر الناس الّذي ابتلعته مافيات هذه السلطة، وتبخّرت كاحلامهم في الهواء؟
سيَدي الرئيس…
كيف وكيف نخبر البحر ونخبرك، أننّا هنا على اليابسة نغرق و يبتلعنا الذّهول؟
كيف نخبر السّماء ونخبرك أننّا هنا على الأرض نكافح ونصمد و ننطفئ وما زلنا نكابر كي لا نسقط؟كي لا نبكي ونولول على هول فاجعة هذا الوطن.؟
سيَدي الرئيس…
نحن متروكون لاقدارنا، نموت كلّ يوم ذلاً وقهراً على أبواب المصارف و السوبرماركت والمستشفيات و تطحننا أقساط المدارس والجامعات، وكيف وكيف وكيف…واللائحة تطول وتطول.
قدرنا ان نبقى في هذا النّفق الحالك، نبتعد كخيوط دخان نحو الأفق البعيد ونختفي في آخره ونتوه.
سيّدي الرَئيس …
هنا بيتي…هنا قلبي… هنا أهلي…هنا ذكرياتي وروحي… وهنا هنا وطني، تاريخي وأهلي… وهنا طفولتي ونهاية حكايتي.
لن أسافر، لن أفلت قلبي ويدي معاً، لن أراقب مشاعري تتحوّل لذكريات حزينة، ويغدو الصمت سيَد الموقف وأحلامنا سراباً، كيف برمشة عين نصبح غرباء هناك.
لن أغادر ، فهنا أرضي. ثابتة في مكاني، مليئة برائحة هذه الأرض والقهوة والفلّ والياسمين، وأنا ارتشف قهوتي في الصّباح على شرفتي في مدينتي السمراء. أنا أنتمي الى هنا الى هذه الجبال والوديان وذاك الفضاء الشّاسع، الى قدسيَة هذا التراب والأمكنة.
سيّدي الرّئيس…
لست وحدك، كلّ العالم والشّعب والجيش والحكومة وساكن السّماء والقديسين معك، ماذا تنتظر؟
لم يفتِ الأوان بعد. قدِ الرّحلة نحو برّ الأمان… دع جهنم لهم، أضرب بسيف الحق والعدل والسيَادة.
أنقذ لبنان، وأنقذنا، أو أعلن الحقيقة والفشل وأرحل.
رسالتي هذه، هي الفرصة الأخيرة، فالحياة لا تقدّم رسائل اعتذار لأحد، يبدو أنّك فعلت ما بوسعك، وما بوسعك، لم يكن كافياً.
سيّدي الرئيس…
أنت من المدرسة الحربيّة ومن رحم الجيش اللبنانيّ البطل، أعطِ الأوامر ونفّذ القرارات الدّوليَة واسترجع الوطن المخطوف .أكتب السَطور الباقية من عمر المحن و الخيبات المدوّية، وقّع النّهاية، إنتصر للبنان وشعبه تاريخه .
أوقف هذه المسرحية الدامية وحفلة التبعيّة والرشوة والفساد و الاجندة الخارجيَة. إستعدِ الأمن وأفرضِ القانون والعدالة وطبّق الدستور وأسترجع السّيادة ونفّذِ القرارات الدولية ، وخطاب القسم، إ جمعِ السلاح وأفرض حصريته في يد الجيش وقوى الأمن، لتُطرَدَ إسرائيل من أرضنا وتكفّ عبث طهران، وتستعيد قرار الحرب والسَلم والأمن في هذا الوطن المنكوب بحكّامه، ولعنة موقعه الجغرافيّ.
سيّدي الرئيس…
ما حصل البارحة على صخرة الروشة فضيحة مدوّية ، أسقطتنا جميعاً فى حفرة خيانة الوطن.
دع لهم جهنم، الإنهزام والضعف، والفوضى ومخالفة القوانين والقرارات الحكوميّة والدّوليّة.
إنتصر للبنان ، لبيروت الجريحة، فالهزيمة والموت والشّر والعنف كلّها، لا تليق بك … سيّدي الرّئيس.