بقلم كبريال مراد
حضر قانون الانتخابات في مجلس النواب عمليًا من دون أن يتم إدراجه فعليًا على جدول أعمال الجلسة التشريعية. وعلى مدى حوالى الساعتين، استمر الكباش السياسي داخل قاعة الهيئة العامة بين رئيس المجلس نبيه بري والنواب المطالبين بإدراج التعديلات المطلوبة على اقتراع المغتربين. لكن بري أصر على موقفه القائل إن النقاش بقانون الانتخاب يتم حاليًا في اللجنة الفرعية التي يرأسها الياس بو صعب، وأنه لن يطرح قانون الانتخاب على الهيئة العامة، إلاّ بعد انتهاء اللجنة من عملها.
موقف بري بدا مكررًا للمرة الثانية. ففي الجلسة التشريعية السابقة التي انعقدت في نهاية تموز الماضي، غض النظر عن العريضة النيابية المطالبة بطرح اقتراح القانون المعجّل لتعديل المادة 122 من قانون الانتخاب (اقتراع المغتربين). ولم يتجاوب أمس مع مثيري مسألة قانون الانتخاب.
باسيل ضد الـ 128
أول المتحدّثين كان النائب جبران باسيل الذي غرّد خارج الرأي القائل بالسماح للمغتربين بالاقتراع لـ 128 نائبًا، داعيًا الحكومة الى تسجيل المغتربين، وأن المادة 123 من قانون الانتخاب لا تحتاج لمرسوم أو قانون، بل إلى نتيجة عمل اللجنة المشتركة بين وزارتي المغتربين والداخلية.
لكن النائب فراس حمدان خالف رأي باسيل معتبرًا أن من الضروري تدخّل مجلس النواب، ومطالبًا بري بعرض اقتراحات قانون الانتخاب على الهيئة العامة للتصويت.
أما النائب سامي الجميل فاستغرب غياب قانون الانتخاب عن جدول أعمال الجلسة، سائلًا بري عن أسباب عدم إدراجه، قائلاً :”دولة الرئيس، اللجنة الفرعية تناقش بلا قرارات، وبظل حال الطوارئ، يجب طرح الموضوع على جدول أعمال الجلسة لأنه مصيري”. فلم يتجاوب بري مرة جديدة.
وحتى عندما قدّم النائب ملحم خلف مذكّرة وطلب تطبيق المادة 110 من النظام الداخلي لمجلس النواب والتي تنص على أن “لأي من النواب مع تقدّم مشروع أو اقتراح قانون أن يطلب بمذكرة معللة مناقشته بصورة الاستعجال المكرر شرط أن يكون مؤلّفًا من مادة وحيدة”. لم يتجاوب بري مع طلبه.
هكذا فعل رئيس المجلس أيضًا مع مطالبات النائبين وضاح الصادق وميشال معوض. قبل أن يتحدّث النائب جورج عدوان عن “شعور بوجود محاولة جدّية لعدم إجراء الانتخابات النيابية”، معلنًا مقاطعة تكتل الجمهورية القوية اجتماعات اللجنة الفرعية لقانون الانتخاب التي يرأسها بو صعب.
ضحك وصراخ
الرد على عدوان جاء من النائب علي حسن خليل الذي أثار قوله “واضح أن الإخوان يريدون تطيير الانتخابات” موجة من الضحك من أكثر من نائب، فتطور الأمر إلى سجال بين خليل وأكثر من نائب متوجّهًا إليهم بالقول “عيب عليكن جماعة بلا أخلاق”، فرد عليه نواب وارتفع الصراخ، حتى أن النائب بيار بو عاصي توجّه إليه بالقول “إنت البلا أخلاق وإذا رجال قرّب”. بينما كان عضو كتلة التنمية والتحرير النائب قبلان قبلان يقول “بدكن إياها مدرسة مشاغبين منحوّلها هيك”.
فتدخّل بري لتهدئة الوضع مكررًا ما قاله سابقًا “هذه جلسة تشريعية، والقوانين الانتخابية تدرس في اللجنة الفرعية”، منتقلاً إلى جدول أعمال الجلسة، بينما اشتكى أكثر من نائب معترض على عدم طرح تعديلات قوانين الانتخاب، من قطع الصوت من قبل الفريق اللوجيستي للمجلس، لمنعهم من الكلام.
سار بري بجدول الأعمال وصولًا إلى البند السادس، عندما طلب النائب سامي الجميل الكلام مجددًا، مكررًا مطالبته بإدراج قانون الانتخاب على جدول الأعمال. وعند عدم استجابة بري لمطلبه، انسحب مع نواب كتلته.
استكمل التشريع، فطالب النائب ابراهيم كنعان باقرار الاعتماد الإضافي الذي يمنح المتقاعدين في القطاع العام 12 مليون ليرة شهريًا، واصفًا الموضوع بالعمل الموقت والضروري.
وفي منتصف النقاش التشريعي، كان النائب ميشال معوض يتنقّل بين نواب “القوات” وبعض النواب التغييريين والمستقلين، لاقناعهم بالخروج من الجلسة، إذا لم يطرح قانون الانتخاب على النقاش. وعند عدم تجاوب بري مع مطلب النائب زياد حواط بهذا الخصوص، خرج نواب “القوات” ومعوض وبولا يعقوبيان وأشرف ريفي ومارك ضو من الجلسة. فاستمر نائب رئيس المجلس الياس بو صعب بالنقاش، فقاطعه معوض ويعقوبيان من على مدخل القاعة قائلين “ما بقى في نصاب” وكانت الساعة قد بلغت الـ 1:05، فطلب بو صعب تعداد النواب داخل القاعة، فتبيّن أن عددم 55، والنصاب القانوني 65. فأكمل بو صعب النقاش من دون التصويت، قبل أن يعود بري إلى القاعة ويرفع الجلسة عند الساعة 1:20 لعدم توافر النصاب، داعيًا إلى جلسة أخرى الحادية عشرة قبل ظهر اليوم، قد يكون مصيرها مشابهًا لجلسة اليوم ما لم تحصل اتصالات في ساعات الليل وقبل الظهر لحشد النواب، ومحاولة تبديل آراء بعضهم.
وكان لافتًا أن نائب رئيس المجلس الياس بو صعب سارع وفور انتهاء الجلسة إلى دعوة اللجنة الفرعية لقانون الانتخاب إلى جلسة تعقد الحادية عشرة قبل ظهر الخميس، للاستماع إلى وزير الداخلية في شأن قانون الانتخاب. فكيف سيتصرّف معها النواب المعترضون؟ وهل ستخرج بجديد؟ خصوصًا أن الهمس يرتفع في أروقة مجلس النواب في شأن المعادلة الآتية: حصرية السلاح قبل الانتخابات النيابية، أم الانتخابات النيابية قبل الانتهاء من حصرية السلاح؟