اليوغا الغربية لكبار السن : ركيزة وقائية متكاملة لتجديد الجسد والعقل

بقلم كوثر شيا

لم يعد مفهوم الوقاية الصحية حكرًا على الفحوصات الدورية أو التدخّلات الدوائية المبكرة، بل أصبح يشمل أنماط حياة استباقية تهدف إلى الحفاظ على الوظائف الحيوية، وتنشيط أجهزة الجسم، وإبطاء التغيّرات المرتبطة بالتقدّم في السن.

وتبرز اليوغا الغربية لكبار السن كإحدى أبرز الممارسات الوقائية الفعّالة، وهي التي تقدمها الباحثة والمعالجة في الطب التكاملي كوثر شيا في مركز بلسم سبيريت ، الأشرفية، مستندةً إلى المنهجية العلمية التي وضعها بيتر فان دام، والمستوحاة من تعاليم الباحث الأميركي إدغار كايسي في جامعة أتلانتس في فيرجينيا، حول التوازن الشامل بين الجسد والعقل والروح.

الأسس العلمية: كيف تعيد اليوغا ضبط توازن الجسم؟

لا تقتصر فوائد هذه التمارين منخفضة الشدة على تحسين المرونة الجسدية فحسب، بل تمتد إلى إعادة تنشيط الأنظمة العصبية والهرمونية والمناعية، عبر سلسلة من التمارين الموجهة التي تعمل بتكامل دقيق، ومن أبرز آثارها:

•   تعزيز جهاز المناعة من خلال تحفيز الجهاز اللمفاوي، المسؤول عن طرد السموم وتنقية السوائل ومقاومة العدوى.
•   تحسين الدورة الدموية وزيادة تروية الأنسجة الحيوية، مما يخفّف من احتباس السوائل والتورّمات الطرفية.
•   تنشيط الجهاز العصبي الذاتي (Sympathetic & Parasympathetic) عبر تقنيات التنفّس العميق المنتظم، مما يدعم توازن الجهاز العصبي ويُحسّن جودة النوم والراحة الذهنية.
•   تحقيق التوازن الهرموني من خلال دعم عمل الغدد الصمّاء وتحفيز إفراز الإندورفين والسيروتونين، ما يعزّز المزاج ويُخفّف من القلق والإرهاق المزمن.
•   إعادة الليونة “العضلية المفصلية” للحفاظ على سلامة الحركة وتجنّب آلام المفاصل وتشنّجاتها مع التقدّم في العمر.

البرنامج اليومي: 15 دقيقة فقط لعمرٍ أكثر حيوية وتوازنًا

صُمّم البرنامج ليكون في متناول الجميع، أيًّا كانت السنّ أو الحالة الصحية، من خلال جلسة يومية بسيطة مدتها 9 إلى 15 دقيقة تشمل:

•   إطالات لطيفة للعمود الفقري والمفاصل لتحفيز المرونة والطاقة العصبية.
•   تمرين دوران الحوض (Hip Rolling) الذي يُعدّ من أبرز التقنيات الداعمة لصحة الجهاز البولي والتناسلي، حيث يعمل على:
•   تنشيط الدورة الدموية في منطقة الحوض.
•   تقوية عضلات المبولة والعضلات الداعمة أسفل البطن.
•   المساعدة في حالات كثرة التبوّل أو ضعف السيطرة البولية.
•   تحسين تدفّق الطاقة العصبية في أسفل العمود الفقري، مما يُنشّط الغدد الصمّاء ويساعد على تنظيم الهرمونات التي تتحكم بوظائف الجسم الحيوية.
•   تمارين التنفّس العميق التي تزيد من تشبّع الخلايا بالأوكسجين وتعيد الحيوية إلى أجهزة الجسم كافة.

وقد أظهرت الدراسات أن الالتزام بهذا النمط من التمارين يؤدي خلال 6–8 أسابيع إلى تحسّن ملحوظ في القوة العضلية، ومرونة المفاصل، وجودة النوم، إضافة إلى خفض معدلات القلق والتوتر بنسبة قد تصل إلى 40%.

اللقاء الأسبوعي: من الحركة إلى التأمل والتجديد

يُنظّم مركز بلسم سبيريت، الأشرفية لقاءً جماعيًا كل يوم أربعاء عند الساعة العاشرة صباحًا، يهدف إلى تعميق الممارسة وبناء طاقة جماعية شفائية.
ويشمل البرنامج الأسبوعي:

•   جلسة متكاملة للتمارين الأساسية بإشراف مباشر.
•   تطبيقات “Tapping Yoga” الكورية الأصل، وهي تقنيات تعتمد الطرق الإيقاعي الخفيف على مسارات الطاقة ونقاط الغدد اللمفاوية، لتحفيزها على تصريف السموم وتنشيط الدورة الدموية.
تمارين سهلة وبسيطة للمفاصل والفقرات مع النفس تعيد حيويتها.
•   جلسة تأمل موجّهة في ختام اللقاء، لإعادة التوازن النفسي العاطفي، ورفع الاهتزاز الطاقي للأسبوع القادم.

على امتداد ساعة ونصف، يتفاعل الجسد والعقل والروح ضمن بيئة علاجية متناغمة تُعيد برمجة الجسد على الاستشفاء الذاتي.

نحو رؤية شمولية للوقاية الصحية

تتّفق الأبحاث الطبية الحديثة على أن أنجح استراتيجيات الوقاية تبدأ من العادة اليومية، لا من العلاج الطارئ.

ومن هذا المنطلق، تمثّل اليوغا الغربية لكبار السن نموذجًا متكاملًا للرعاية الوقائية؛ فهي تمارين علمية بسيطة، منخفضة الشدة، عالية الفعالية، تحافظ على حيوية الجسد وتوازن العقل وطمأنينة الروح.

إنها أكثر من مجرّد رياضة، إنها رسالة وعي صحيّ متكاملة، تدعو كل إنسان إلى استعادة علاقته بجسده كهيكل مقدّس، وإدراك أن الوقاية الحقيقية تبدأ من الداخل، من لحظة تنفّسٍ واعٍ وحركةٍ يقظة وقرارٍ بالعيش بصحة وسلام.

اخترنا لك