دماء الحرية تسقي شوارع إيران الثائرة ضد ظلم الملالي

بقلم بلال مهدي

تُنفَّذ أحكام بالإعدام في إيران بمعدل كلّ ثلاث ساعات، فقد طالت موجة القمع نحو 115 شخصًا خلال خمسة عشر يومًا فقط. ليست أرقامًا باردة فحسب، بل هي وجوهٌ وأسماءٌ وقصصٌ تُنهيها آلةُ الظلم في نهاوند وأصفهان وقمّ وشيراز وكرمانشاه وغيرها من المدن الإيرانية التي تخنقها أيادي النظام. هذه الجرائم تضع أمام ضمير العالم سؤالًا واحدًا، إلى متى سيبقى صوت الحرية مدفونًا تحت أحكام الإعدام والقمع؟

المعدّلات والإحصاءات التي نقرأها تُشكّل مؤشرًا خطيرًا على تصاعدٍ في سياسات الإعدام والتصفية السياسية. ما يحدث ليس مجرد إجراءات قانونية منفصلة، بل هو جزءٌ من سياسةٍ ممنهجة تهدف إلى ترهيب المجتمع وكسر ارادة الاحتجاج. تصفية مئات الأشخاص خلال فترة قصيرة تعكس حجم الأزمة وعمق الأزمة الأخلاقية والسياسية في سلوك السلطة.

ضحايا العدالة المزيفة

من بين المُعدمِين معارضون سياسيون ومدافعون عن الحريّات، ما يجعل من هذه الإعدامات محاكماتٍ مصمَّمة لتكميم الأصوات الحرة. تُسحَب شرعية هذه الإجراءات عندما تُنفَّذ على خلفية سياسية، وتتحوّل المحاكمات إلى أدواتٍ لقمع الاختلاف بدلًا من أن تكون أدواتٍ للعدالة. الضمير الإنساني يرفض أن تتحول المدن الايرانية إلى قوائم أرقامٍ بلا أسماء.

القمع العنيف قد يُرهب مؤقتًا، لكنه لا يُجهز جذريًا صفوف المطالبين بالحرية. أثبت التاريخ أن محاولات القمع تُغذّي روح المقاومة لدى الشعوب، وآلام الأحرار تُولِّد آمالًا لمستقبلٍ أفضل. ومع ذلك، ثمن ذلك باهظ، الأرواح، والأسر، والنسيج الاجتماعي المتضرّر. المجتمع بحاجة إلى حماية الحقوق الأساسية وإلى آليات دولية وقانونية تضمن محاسبة مرتكبي الانتهاكات.

إزاء هذا المشهد، ينبغى للمجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية أن يُفعّلوا آليات الرقابة والحماية، وأن يدعموا المستقلين والصحافيين والمناضلين السلميين. كذلك، لا بدّ من تضامنٍ مدني واسع يُظهر أن العالم يراقب ويُدين ولا يتغاضى عن انتهاك كرامة الإنسان. التضامن الإعلامي والإنساني يخفف من عزلة المتظلمين ويزيد من الضغط على المسؤولين عن القمع.

قلوبنا وأقلامنا وأيادينا مع الشعب الإيراني المنتفض في وجه الظلم. من آلام الأحرار تُصنع الآمال لمستقبلٍ أحلى، مستقبلٌ فيه كرامة الإنسان تُحترم، والحوار والحريات تُحمى، والقضاء يعود ليكون منبرًا للعدالة لا أداةً للانتقام. على الضمير الإنساني أن يبقى مستيقظًا، وعلى العالم أن يتحرّك لإيقاف آلة الإعدامات قبل أن تطاول المزيد من الأرواح البريئة.

اخترنا لك