ست سنوات على ثورة ١٧ تشرين، هل يعّوض العهد فشل نواب التغيير؟

بقلم يوسف مرتضى – كاتب سياسي

صحيح أن ثورة ١٧ تشرين أول عام ٢٠١٩ كانت تعبيراً عن غضب شعبي عارم ، وصحيح أنها لم تكن من صناعة أي حزب أو تنظيم ، لكنها فور انطلاقتها سرعان ما استجمعت الصفوف وانتظمت في أطر ومجموعات ثورية، توحّدت على رؤية وأهداف محددة، تلخّصت في الدعوة لإنهاء نظام المحاصصة الطائفي الفاسد، والدعوة لإعادة تأسيس الدولة على أسس دستور اتفاق الطائف، الذي أهملته وتجاوزته حكومات عهد الوصاية السورية وورثتها في التحالف الرباعي.

جرت انتخابات العام ٢٠٢٢ النيابية وفق قانون من خارج الدستور ومفصّلٍ على مقاس أحزاب المنظومة الفاسدة. وعلى الرغم من ذلك حققت قوى التغيير نتائج جيدة بفوز اثني عشر نائبة ونائب، اقترع لهم قرابة ال ٣٧٠٠٠٠ الف ثائرة وثائر. لكن للإسف لم يكن أداء نواب التغيير على قدر طموحات الثوار وأهداف الثورة ، ما انعكس إحباطاً في الشارع التغييري.

غير أن ما آلت إليه أحوال البلاد بنتيجة التحولات التي جرت في المنطقة ولبنان بعد عملية طوفان الأقصى وحرب إسناد غزة، قد قلبت الموازين ، وأمنت ظروفاً أتاحت انتخاب رئيس للجمهورية وتكليف رئيس للحكومة من خارج صندوقة المنظومة. وجاء خطاب قسم الرئيس وخطاب تكليف رئيس الحكومة وبيانها الوزاري وكأنها تجسيد لأهداف ثورة ١٧ ت. وأن بارقة أملٍ حقيقة استشعرها اللبنانيون بنتيجة ذلك، ببزوغ فجرٍ جديد من الاستقرار والسلام وبناء دولة القانون والمؤسسات وفق ما يقوله”الكتاب”.

لكن للأسف وبعد عشرة أشهر على انطلاقة عهد الرئيس جوزف عون ما زالت البلاد تعاني من تعثّر في التعافي الأمني والاقتصادي والاجتماعي، وفي عملية التقدم على طريق استعادة بناء دولة القانون والمؤسسات. وعلى العكس من ذلك لاحظنا التمادي في سلوك طريق التحاصص الذي كان سائداً بالعهود السابقة في التعيينات بوظائف الفئة الأولى، والعودة مجدداً إلى تثبيت قانون الانتخابات النافذ، الذي فصّل على مقاس أفرقاء المنظومة الفاسدة ويجري السعي الجدي للإطاحة بمشاركة الاغتراب في اختيار ال ١٢٨ نائباً وحصرهم في دائرة اغترابية من ٦ نواب ، فضلاً عن الإطاحة بفكرة تنفيذ البطاقة الانتخابية الممغنطة والميغاسنتر، ما يؤمّن استمرار هيمنة أفرقاء المنظومة الفاسدة على أكثرية برلمان العام ٢٠٢٦ العتيد.

من هنا وبمناسبة الذكرى الخامسة لثورة ١٧ ت، وتذكيراً للعهد وللحكومة بتعهداتهما التزام تطبيق الدستور كاملاً ، ولأن قانون الانتخابات النيابية وتصحيح التمثيل الشعبي في النظام البرلماني الديمقراطي هو حجر الأساس في بناء دولة القانون والمؤسسات، أدعو الحكومة إلى تقديم اقتراح قانون معجّل مكرر للانتخابات النيابية وفق المادة ٢٢ من الدستور، وقطع الطريق على مناورات المنظومة المصرًة على كبح جماح التغيير.

إن قوى التغيير وجميع القوى الضنينة ببناء دولة المواطنة الدستورية في الداخل وفي بلدان الاغتراب، مدعوة لتوحيد جهودها من أجل إحباط محاولات قوى الأمر الواقع من النفاذ بمشروعهم الخبيث، مع التحذير من مغبة الإطاحة بالاستحقاق النيابي المقبل في حال فشلت المنظومة في منع الاغتراب من المشاركة في الانتخابات لل ١٢٨ نائباً.

وفي هذا المجال أرى أنه على رئاستي الجمهورية والحكومة، بذل الجهود اللازمة لإنجاز الاستحقاق النيابي بموعده وبالشروط المؤمنة لصحة التمثيل بوصول كتلة نيابية وازنة تحمل وتتبنى إعادة تأسيس الدولة على قاعدة القانون والدستور ليصبح شعار حكومة الإصلاح والإنقاذ قابلاً للتنفيذ ، وإلا تحوّل العهد إلى مدير للأزمة وليس منقذاً للبنان من براثن التحاصص والفساد.

اخترنا لك
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com