بقلم د. ليون سيوفي – باحث وكاتب سياسي
في خريفِ ٢٠١٩، خرجَ الشعب اللبناني ثائرًا بحقٍّ ودمٍ حقيقيّ. لم تكن شوارعنا مجرد احتجاجات عابرة، بل كانت صرخات كرامةٍ وحريةٍ ارتجّت بها كل زاوية من الوطن.
ماذا حصل فعلاً؟ انتفض الشعب مطالبًا بالثَّروة والعدالة والكرامة، مطالبًا بإنهاء الفساد والمحاصصة الطائفية التي أفقرت الوطن واستنزفت أبنائه لكن من كانوا يُسمّون أنفسهم “قادة الثورة” لم يكونوا سوى أقنعة لمصالحهم الشخصية. استغلوا الانتفاضة لتثبيت نفوذهم السياسي، وتحوّلوا إلى حُماة الفشل، لا حماة الوطن.
القمع كان ممنهجًا، أيدي معروفة تحركت لقمع أي صوت صادق، فرقّت الشوارع، وحوّلت الحلم الشعبي إلى ذكرى مأساوية تُستغل إعلاميًا لصالح من خانوا الثورة باسمها.
الدرس الأهم للشعب ان ما حصل عام ٢٠١٩ لم يكن فشلًا لهم ، بل انتصارًا للوعي الجماهيري، فالذين انتفضوا كانوا صادقين، والذين قمعوا كانوا أعداء الوطن والمواطن.
على كل لبناني أن يعرف أنّ بعض الذين يدّعون الثورة اليوم هم غالبًا نفس الأيادي التي خانَت الحلم واعتدت على الشعب باسم الحرية.
الانتفاضة الحقيقية لا تُقاس بالعدد أو بالشعارات، بل بالصدق والوفاء للحقّ الوطني.
نداءٌ للاستيقاظ…الشعب اللبناني بحاجة لأن يَصحو من غيبوبته عليه ان لا يصدّق أيّ من ينادي بالثروة والحرية ويضع مصالحه فوق مصالح الوطن.
يجب أن يتعلّم من تاريخ ٢٠١٩ أنّ الوعي الفردي والجماعي هو مفتاح الثورة الحقيقية.
كل فشل انتفاضة لم يكن إلا درسًا مُرًّا، لكنّه فرصة للقوة والإرادة، إذا عرف الشعب كيف يوجّهها.
بالنهاية لبنان لم يخسر الحرية يومها، بل أُجهض حلمه من قبل من خانوا الثورة باسمها. الآن، الشعب أمام خيارين ،أن يظل نائمًا فريسةً للمزايدات والشعارات او أن يصحوا ، يعرف الحقيقة، ويصنع ثورة حقيقية على الفساد والمحاصصة، مبنية على مصالحه ومصالح وطنه، لا مصالح القادة المزيفين.
لبنان يحتاج إلى انتفاضة العقل والضمير، لا مجرد صرخات تُستغل.