بقلم سلمان عبدالخالق
بعد تحرّك الناس ومحاولتهم خلق دينامية سياسية جديدة، تدفع بدمٍ جديد من شبابٍ نابض، ورؤيةٍ مختلفة لطرح الحلول في بلدٍ اعتاد الفرص الضائعة، بسبب عدم رغبة هذه الطبقة السياسية في التغيير، ظنًّا منها أن عقارب الساعة يمكن أن تعود إلى الوراء.
هذا الواقع جعل المهمة أكثر صعوبة، خاصة بعد أن جرت انتخابات عام 2022 وفق قانونٍ انتخابيٍّ مفصَّل على قياس السلطة التي عاثت في الأرض فسادًا.
ورغم ذلك، استجابت الناس في صناديق الاقتراع إلى حدٍّ ما، وأعطت ما يقارب 400 ألف صوت، أدّت إلى وصول 12 نائبًا ونائبة.
لكن الغريب أن معظم هؤلاء كانوا خارج ما يتمناه جمهور 17 تشرين “باستثناء القليل منهم”، إذ تنكّروا، واستسهلوا، ولم يتمكنوا حتى من ردّ الجميل لجمهورهم أولاً بتشكيل تكتلٍ واحد، ولم يستطيعوا تقنيًّا الاستماع إلى آراء ناشطيهم، كما لم يُظهروا أي رغبة حقيقية في تقديم أنفسهم كتغييريين أو ثوريين.
ابتعدوا كل البعد عن وضع أنفسهم في عين المحاسبة، وفضّلوا الاستفراد والانعزال والاجتهاد كلٌّ برؤيته المعدومة، فكانوا جميعًا نموذجًا سيئًا للتغيير والثورة. طرحوا أمورًا بعيدة عن الواقع، واكتفوا ببهلوانياتٍ لا طائل منها.
وزاد الطين بلة أنّهم أوهموا الجميع بأنّ الإتيان برئيسٍ وحكومةٍ كان نتيجة أدائهم و”حرفنتهم السياسية”! ويا ليتهم لم يتبنّوا هذا الوهم، إذ مرّت عشرة أشهر من بداية العهد، ولم يتغيّر شيء من رتابة الحكم، بل تفاقم المستور وانكشف الأعظم.
لا وضوح في اقتراع المغتربين،
ولا ميغا سنتر،
ولا بطاقة ممغنطة،
واستمرار في التحاصص بالتعيينات،
ورتابة في غالبية القضاء (إلا ما ندر)،
ولا إصلاحات،
ولا نزع للسلاح،
وبالتالي تفشٍّ أكبر للفساد والمحسوبيات، و… لا… لا… لا!
وللأسف، جعلوا الإحباط سيّد الموقف، لدى جماهير 17 تشرين أولاً، ولدى الوطن وطموحات الناس ثانيًا.
لذلك، ندعو العهد والحكومة إلى تحمّل المسؤولية والذود عن لبنان من خلال حوكمة رشيدة، وبدء الإصلاحات الفعلية، وحُسن اتخاذ القرارات، لأنّ الشعب لم يعد يحتمل هذا الشقاء حتى عام 2030، فآنذاك لن يبقى أحد.
أما بعض “التغييريين”، فسامحكم الله على ابتلائنا بكم، إذ ستضطرّون الناس إلى الترحّم على هذه السلطة — لا سمح الله.
استعدادكم للانتخابات لا يُطمئن، وقد أصبحنا أمام نموذجٍ آخر من السلطة.
نحن لم نطالبكم بإنجازات خارقة،
بل فقط بـ احترامٍ للنفس،
علّكم تُقنعون.
السؤال: هل ترون في هذا السياق ما يمثّلكم؟ وهل “كلن يعني كلن”، والتغييريين واحدٌ منهم، يمثّلكم؟