بقلم بسام سنو – خاص بوابة بيروت
@sinno_bassam
في بدايات الحراك، تحوّلت المواجهات مع الجيش إلى فصول متكررة من التوتر، ففي حملات التظاهر اعتُقل العديد من المتظاهرين، وخصوصًا الشباب.
كانت المواجهات أحيانًا حامية، والضباط المنوطين بفرض الأمن يصدرون أوامر الاعتقال، فتتوالى الزيارات إلى ثكنة الحلو للمطالبة بإخراج الموقوفين. في تلك اللحظات ظهر تظافر وتضامن واضح مع المعتقلين.
أتت هيئة محامي الثورة للدفاع عنهم، ومن بينهم واصف الحركة وعلي عباس وبيار الجميل وائل همام وغيرهم ممن خدموا الثورة والثوّار. كان المحامي ملحم خلف يقود المساندة قبل أن يتولى منصب النقيب، والنائبة بولا يعقوبيان كانت من المتضامنين الدائمين، والجميع يتوجهون بإصرار إلى الثكنة للمطالبة بالإفراج عن المعتقلين.
وللمستشفيات دور لا يُنسى، فقد استقبلت مستشفيات الجميزة والروم والمقاصد ومستشفى بيروت الحكومي والكرنتينا والجامعة الأميركية جرحى الثورة في بداياتها دون مقابل، لكن مع مرور الوقت تغير الوضع وجرى تقييد القبول ليشمل حالات خاصة تغطيها الوزارة فقط. خلال المواجهات أصيب العديد من الثوّار بإصابات جسدية خطيرة، وفقد بعضهم عينه برصاص مطاطي، ومنهم علي الصلح وعلي العبدالله على سبيل المثال لا الحصر، كما تعرّض كثيرون لجروح وكسور استلزمت علاجًا طويلًا.
على رغم الجراح، لم تخلُ الثورة من لحظات العزة والفخر، كان العلم اللبناني حاضرًا في مقدمة كل مظاهرة رمزًا لوحدة مطلبية وكرامة وطنية. لكن الفرق في الرؤية والأسلوب ظهر مبكرًا؛ ففي الربع الأول من الثورة يذكر أن شابًا مثقفا اسمه الدكتور علي بيضون جاء إلى خيمتي وقال إنه يريد أن «يثور على الثورة» لأنها سلمية، وأن الأفضل «إرهابهم وملاحقتهم في مضاجعهم» ومنعهم من الخروج إلى المطاعم والمقاهي والمولات. كانت تلك دعوة لأسلوب مختلف تمامًا.
بجانب ذلك تشكّلت مجموعات أخرى، “فالف وأبو رامي وإيلي هيكل والدويهي وبعض الصبايا والشباب” جبهة من نوع آخر أرعبت من هم في السلطة، اقتحموا الوزارات ومنازل المسؤولين وداهموا معاقلهم وبيوتهم، وكانوا يحملون الأعلام ومكبرات الصوت بقيادة يحيى المصري، ويستعينون بشباب داعم لاقتحام البيوت ونشر الخوف.
كانت أيامًا عصيبة للمسؤولين، أذكر حادثة استهدفت وزير الطاقة آنذاك فياض، وتصريحات رئيس الحكومة السباق نجيب ميقاتي التي عبّر فيها عن امتعاضه لعدم تمكنه من الذهاب إلى المقاهي والمطاعم، تصريح يوضح مدى الضغوط اليومية التي فرضتها الشوارع على هذه السلطة.