ردًّا على مقال الإعلاميّة رولا معوّض بعنوان “فقمة عمشيت وسائر الفقمات”

كتب بول أبي راشد – رئيس جمعيّة الأرض – لبنان

قرأتُ بأسفٍ واستغراب المقال الذي نشرته الإعلاميّة رولا معوّض، لما تضمّنه من مغالطاتٍ فادحة وافتراءاتٍ غير مسؤولة بحقّ قضيّة وطنيّة وعلميّة موثّقة هي حماية مغارة فقمة الراهب المتوسّطيّة في عمشيت.

فحين تتحوّل السخرية من المدافعين عن البيئة إلى مادة صحافيّة، يصبح السكوت تواطؤًا مع الجريمة ضدّ الطبيعة.

أولاً: الفقمة حقيقة لا خيال.

فقمة الراهب المتوسّطيّة كائن مهدّد بالانقراض عالميًّا، ووجودها في مغارة عمشيت موثّق علميًّا منذ عام 2019 عبر صورٍ وفيديوهاتٍ مؤكّدة، نشرت في تقارير رسمية وشُوهدت من علماء ومواطنين مرارًا.

الموئل معروف ومحدّد، لا مجال لإنكاره.

ثانيًا: وزارة البيئة أقرّت رسميًّا بالمخالفة.

بتاريخ 20 تشرين الأوّل 2025، أصدرت وزيرة البيئة الدكتورة تمارا الزين كتابًا موجّهًا إلى الجهات القضائية والوزارات المعنية، طالبت فيه بوقف جميع الأعمال على العقار رقم 345 عمشيت ريثما تُستكمل دراسة تقييم الأثر البيئي، وذلك تنفيذًا للقانون رقم 444/2002 ومرسوم 8633/2012.

بالتالي، كلّ من يبرّر استمرار الأشغال إنما يبرّر مخالفة واضحة للقانون.

ثالثًا: القضية ليست نزوة ناشطين بل معركة وطنية.

الدفاع عن مغارة الفقمة هو دفاع عن وجه لبنان الطبيعي في وجه من حوّل البحر إلى سلعة للبيع.

إنها قضية تطبيق قوانين الدولة، واحترام التزامات لبنان الدولية في اتفاقيّة برشلونة وبروتوكول الإدارة المتكاملة للمناطق الساحلية (ICZM)، التي تفرض حماية الموائل البحرية الحساسة من أي تعدٍّ أو تدمير.

رابعًا: الاتهامات بالتمويل والمصالح كلام باطل يراد به تشويه النوايا.

منذ عام 1995، تعمل جمعيّة الأرض – لبنان بشفافية مطلقة، بتمويل معلن من متبرعين ومن مؤسسات محلية ودولية رسمية.

نحن لم نغتنِ من البيئة، بل أفنينا عمرنا في الدفاع عنها بينما غيرنا اغتنى من تعدّيه على الشاطئ العام.

خامسًا: تضارب المصالح واضح للعيان.

من المثير للريبة أن يصدر هذا الهجوم من إعلاميّة قريبة من أحد المنتجعات المقامة على الملك العام البحري في عمشيت، وهو منتجع مخالف للقوانين البيئية والعمرانية.

من الطبيعي أن ينزعج من يدافع عن المعتدين على الشاطئ من الأصوات التي تكشف الحقيقة.

ختامًا، فقمة عمشيت ليست “فقاعة إعلامية” بل صرخة حياة في وجه التدمير الممنهج للطبيعة اللبنانية.

وسيبقى صوتنا مرتفعًا ما دام هناك حجر واحد يهدّد هذا الموئل، لأن من يسكت عن تدمير البحر اليوم، سيغرق فيه غدًا.

اخترنا لك
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com