المفاوضات من صلاحيات الرئيس إن حصلت

بقلم سعيد مالك

عرّف القانون الدولي المعاهدات الدولية بأنها إاتفاق يتم بين أشخاص القانون الدولي، بقصد ترتيب آثار قانونية مُعيّنة وفق قواعد القانون الدولي. بالتالي ينبغي أن تتوافر للمعاهدة الدولية الخصائص الآتية:

أوّلًا، إن المعاهدات الدولية لا تُبرَم إلّا بين أشخاص القانون الدولي. وقد أكّدت محكمة العدل الدولية على ذلك في قضية شركة البترول الأنغلو – إيرانية عام 1933. والمقصود بأشخاص القانون الدولي هو الدول. وقد تكون مُنظمات دولية سندًا للرأي الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية في قضية التعويضات المستحقة عن الأضرار التي تلحق بالعاملين في الأمم المتحدة أثناء قيامهم بعملهم سنة 1949 (C.I.J.Rec,1949-P.174) وقد أكّدت محكمة العدل الدولية قرارها في قضية جنوب غرب أفريقيا. علمًا أنّ معاهدة “فيينا” حصرت نطاق تطبيقها على المعاهدات التي تُعقد بين الدول حصرًا (المادة الأولى منها) واستبعدت المُنظمات الدولية.

ثانيًا، ينبغي أن تُصاغ في وثيقة مكتوبة، سندًا لأحكام المادة الثانية الفقرة 1/أ من معاهدة “فيينا”.

ثالثًا، يجب أن تخضع لأحكام القانون الدولي. لأنه ليس كافة الاتفاقات التي تُبرَم بين الدول تُعد من قبيل المعاهدات الدولية: (MC Nair,LAW of treaties,1961.P.4) حيث هناك طائفة من الاتفاقات تُعد من العقود ذات الطبيعة الخاصة.

وبالتالي، ما يُحكى عن اتفاقية وتفاوض بين لبنان والدولة العدوّة، إن كان تفاوضًا مباشرًا أم غير مباشر. يُعتبر اتفاقية دولية كونها تُبرَم بين دول ومكتوبة وخاضعة لأحكام القانون الدولي.

مما يُفيد، أنه للوصول إلى إبرام لهذه الاتفاقيات يجب أن تمر بمراحل إلزامية. تبدأ بالتفاوض وتنتهي بالإبرام.

وبالعودة إلى المادة 52 من الدستور، يتولّى رئيس الجمهورية المفاوضة في عقد المعاهدات الدولية وإبرامها بالاتفاق مع رئيس الحكومة. وهذا التفاوض إمّا أن يحصل بشخصه أم بشخصٍ مفوّض يُكلّفه رئيس الدولة وينتدبه لهذه المهمّة. حيث يُجري هذا المفوّض التفاوض تحت إشراف رئيس الجمهورية المُباشر.

وما نشهده راهنًا، محاولات من البعض للالتفاف على صلاحيات رئيس الدولة. فيُشترط أن يكون التفاوض مباشر أم غير مباشر. ويُحدّد إطار هذا التفاوض وماذا يجب أن يشمل أو يتناول.

فصلاحية رئيس الجمهورية بالتفاوض هي صلاحية محفوظة لسيّد القصر، فلا يحق لأي فريق أن يُقيّد هذا الحقّ ويكبّله.

بالتالي، إنّ وضع الشروط على رئيس الدولة حول إدارة التفاوض لا يجوز. والقوى السياسية حدودها معارضة هذه المعاهدة حين عرضها على مجلس الوزراء أو إبداء الملاحظات بشأنها. ولاحقًا في مجلس النواب، لأنه يُفترض حُكمًا أن تُطرَح على نوّاب الأُمّة للاطّلاع عليها ومُناقشتها وإصدار ترخيص الإبرام للحكومة أم حجبه، سيّما أنها من المعاهدات التي يجوز فسخها سنة فَسَنة، وتتعلّق بمستقبل الوطن ومصيره.

أمّا لجهة الأساس، فالتفاوض المُقترح لن يُثمر ما دامت الأطراف المعنيّة لما تزل تُمعن في خرق تدابير اتفاق وقف إطلاق النار (2024) فمن جهة خروقات يوميّة، ومن جهةٍ أُخرى لا حلّ للميليشيات ولا تسليم للسلاح. وللدفع نحو السلام، الخطوة الأولى تكمن في الالتزام، بعدها التفاوض برعاية “العّم سام”.

وبالخُلاصة، رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن. والساهر على احترام الدستور والمحافظة على استقلال لبنان ووحدته وسلامة أراضيه وفقًا لأحكام الدستور. سندًا لأحكام المادة 49 منه. ولا يجوز لأي فريق المُزايدة والاشتراط عليه. فهو يُدرك متى التفاوض وشكله، وما إذا كان يجب أن يحصل بشكل مباشر أم غير مباشر. فكفى مُزايدةً على وطنيّته وإيمانه بلبنان، فهو من مدرسة الجيش وشعاره الشرف والتضحية والوفاء.

اخترنا لك
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com