بقلم بسام سنو – خاص بوابة بيروت
مع بداية الثورة اللبنانية ودخولها أسبوعها الأول، كان من الواضح أن صوت الناس بدأ يرتفع ويطالب بالتغيير. في تلك اللحظات، قررت جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية أن تدخل الميدان، ولكن من باب الإنسانية والدعم، بعيدًا عن الأضواء.
تواصلت مع إدارة الجمعية وطلبت منهم توفير خيمة كبيرة تُنصب في ساحة الاعتصام، لتكون مركزًا لتقديم المساعدات الغذائية وتنظيم ندوات تثقيفية تهدف لتوعية أبناء بيروت حول أشكال الفساد الإداري. استجابوا بسرعة، ولكن بشروط، أهمها عدم ذكر اسم الجمعية كطرف رسمي في الأمر.
وبالفعل، تم تجهيز الخيمة بكل ما يلزم، وتحولت إلى نقطة التقاء يومية للمتظاهرين. مجموعة من السيدات المتطوعات من بيروت قدمن وجبات ساخنة يومية، ساعدت في تخفيف وطأة التعب والجوع عن الكثيرين.
لكن، كما هو الحال في كل ثورة، لم تخلو الساحة من التحديات. في يوم ما، أقدمت جهات مرتبطة بالنظام على قرار مشبوه بإحراق الخيمة، وكانت هي والخيمة المجاورة أولى الخيام التي أُحرقت في ساحة الاعتصام. رغم هذا الحادث المؤلم، لم تتوقف جمعية المقاصد عند هذا الحد.
فقد وفرت أيضًا عيادة نقالة “كرفان طبي” لخدمة المتظاهرين، تقدم لهم الرعاية الصحية في قلب الساحة، واستمر هذا الدعم لأسبوع كامل.
ومع تصاعد الحراك، ارتفعت منصات كبيرة تقدم الخطابات والعروض المسرحية والموسيقية، كان من بينها منصة في ساحة مبنى العزرية حيث قدم الثائر وليد المحب عروضًا مسرحية على شكل محاكمات رمزية للفساد، وأحداثها أثرت في وجدان المجتمع.
وكانت ساحتا الشهداء ورياض الصلح تعجان بما يزيد عن خمسين ألف متظاهر يوميًا. وسط هذا الحراك، وُضع رمز الثورة بالقرب من العلم اللبناني في وسط الساحة، كإشارة واضحة إلى التغيير المنتظر.
كان المشهد أشبه بفيلم هوليوودي، حيث لأول مرة شعر الناس أن الوطن يقترب من وعي جماهيري حقيقي. حائط مبنى الأوبرا تحول إلى منصة لرفع الصوت والاحتجاج، وتحولت الطرق والجسور، مثل جسر الرينغ، وأمام مصرف لبنان، إلى ساحات للتظاهر والوقفات المستمرة.
زادت الخيم، وارتفعت الندوات، وتعاظمت الاحتجاجات، حتى على أبواب المجلس النيابي حيث وُضع الباب الحديدي كرمز للحاجز الذي يجب كسره.
هذه القصة ليست مجرد سرد لحدث، بل هي شهادة على إرادة شعب لا يكلّ ولا يملّ في طريقه نحو التغيير والعدالة وفي اليوم التالي حدث ما لم يكن بالحسبان …
يتبع…