دولة #لبنان_الكبير 1920 والانضمام إلى الدولة 2025

بقلم د. أنطوان مسرّه

كثير من الطروحات والتحليلات والسجالات والتوصيفات للواقع اللبناني الحالي تطمس جوهر القضية اللبنانية القديمة والمستجدة وهي استعادة الدولة في لبنان وانضمام كل الأطراف والفئات إلى الدولة في مركزيتها ووحدانيتها.

إن إعلان دولة لبنان الكبير في أول أيلول 1920 هو تاريخ نشوء الدولة اللبنانية حيث أن لبنان لم يكن سابقًا دولة، بل إقطاعيات وإمارات خاضعة للدولة العثمانية. ما يوصف “بسحب السلاح غير الشرعي” هو تسخيف لواقع لبناني أكثر خطورة حيث يوجد حاليًا في لبنان ليس حزبًا مسلحًا، لم يعد ينطبق عليه صفة الحزب في القانون وعلم السياسة، بل دولة رديفة لها جيشها ودبلوماسيتها. يعيش اللبنانيون حالة تقسيمية مستحيلة في دولتين.

يتساءل البعض بعد أكثر من ثمانية أشهر من انتخاب رئيس دولة وتأليف حكومة “طبيعية”، وليس برلمانًا مصغرًا، ما هي الحصيلة؟ يتم توجيه اتهامات في حين تسعى الدولة الرديفة مع جيشها ودبلوماسيتها والجهة الإقليمية الداعمة في كسب الوقت والاعتماد على ذهنية لبنانية في المعليشية والتذاكي والتموضع والتكاذب… لغاية ختام العهد الحالي الواعد والعودة بعدئذٍ إلى الممارسات السابقة في مساكنة مستحيلة بين دولتين.

لا خروج ممكن من المعضلة إلا من خلال التوصيف العلمي والمنهجي والواقعي لحالة لبنان. هذا التوصيف هو التالي: إننا نعيش في واقع تقسيمي مستحيل بين دولتين! أما توصيف الحل فهو، كما في أول أيلول 1920، انضمام دولة رديفة من شيعية سياسية (ولا نقول الشيعة) إلى الدولة اللبنانية. إن إدراك هذا الانضمام كهزيمة أو انتصار من قبل أي جهة هو مؤشر لواقع إدراك الدولة في علم النفس السياسي والعيادي. المقولات المتداولة حول هذا التوصيف الواقعي وما يتم تكراره هي معبّرة عن انعدام إدراك الدولة بالذات ووظائفها الأربع الموصوفة بالملكية rex, regis, roi وهي: احتكار القوة المنظمة، واحتكار العلاقات الدبلوماسية، وإدارة المال العام من خلال فرض الضرائب وجبايتها، وإدارة السياسات العامة. نرصد هنا ثلاث مقولات للدولة الرديفة التي هي نقيض مفهوم الدولة في النظرية الحقوقية.

1. إن القول التالي: “عندما تصبح الدولة قوية نسلم سلاحنا” هو مؤشر لإدراك سلطوي سائد للدولة كشقة مفروشة مع مفاتيحها. إن الدولة هذه هي سلطوية ومن صنع الآخرين. إن الدولة قوية وتصبح قوية بفضل شرعيتها légitimité، أي الدعم الشعبي لها. لنتخيل كم ستكون دولة لبنان قوية في حال دعم القوى السياسية لها.

2. يرد في مقولات الدولة الرديفة: نسلم سلاحنا شرط اعتماد استراتيجية دفاعية! إن الدولة في وظائفها التأسيسية لا تحتمل أي شرط وأي طرح لشرط هو من صلاحية النظام السياسي والانتخابات النيابية والعمل التشريعي.

3. قد تطالب الدولة الرديفة بمراجعة في النظام اللبناني استنادًا إلى موازين القوى وليس قوة التوازن. هذه المقاربة هي مناقضة لمبادئ الديمقراطية وللاختبار اللبناني والمعاناة المشتركة طوال قرون وللثوابت التي أرساها ميثاق لبنان. لا يبنى أي استقرار في أي مجتمع على أساس توازن القوى.

لا تتحمل جهة واحدة مسؤولية الضبابية بشأن مفهوم الدولة في لبنان وفي وظائفها السيادية والتي تتميز عن مصطلح النظام والمؤسسات! تجاه من يتهم الموفد الأميركي توم براك بفرض “شروط” على لبنان كان الجواب أن الدولة وحدها لديها جيشها ودبلوماسيتها. إن زرع دول رديفة في لبنان وسوريا والعراق واليمن والسودان… واغتيال الدولة هو مصدر الإرهاب: Pierre Bourdon et François Blanc, dir., L’Etat et le terrorisme, Ed. de la Sorbonne, 2018, 300 p.

اخترنا لك
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com