الفنّ في وجه #الثورة

بقلم بسّام سنّو – خاص بوابة بيروت

قبل أيّامٍ قليلة من عيد الاستقلال، قرّر عددٌ من المثقفين من الرسّامين أن يُظهروا فنّهم بطريقةٍ تعبّر عن نبض الشارع وآمال الناس.

فكانت ساحة العزرية مسرحًا لألوانٍ تحدّثت بصمتٍ أبلغ من الهتاف، حيث أقيم معرضٌ فنيّ رائع جمع بين الحلم والوجع، بين الحرية والانتماء.

لوحاتٌ تجسّد الثورة في معناها الأسمى: استقلال الروح قبل استقلال الوطن.

ألوانٌ تنبض بالحياة، ووجوهٌ على القماش تحمل ملامح كلّ من نزل إلى الساحات يومًا مؤمنًا بأنّ الفنّ، هو أيضًا شكلٌ من أشكال المقاومة.

في تلك الساحة الصغيرة، اجتمع الوطن كلّه على لوحةٍ واحدة…

لوحةٍ اسمها: الأمل.

وفي الثاني والعشرين من تشرين الثاني، وفي صباح خريفيّ حمل بين نسماته شيئًا من الحنين والكبرياء، قرّر عددٌ من المجموعات الثورية أن يجعلوا من هذا اليوم موعدًا مع الحلم المؤجَّل.

تقدّمهم رجالٌ عُرفوا بمواقفهم الجريئة: وإلى جانبهم نفرٌ من النقابيين من شتّى القطاعات؛ الرياضية والمهنية والتجارية، ومعهم جنودٌ قدامى لم تنطفئ في عيونهم شرارةُ العزّة.

كانت الفكرة بسيطة في ظاهرها، عظيمة في معناها: مسيرة وطنية تعبّر عن الاستقلال الحقيقي، خارج نطاق الدولة العميقة.

اصطفت الجموع في الساحات، وارتفعت الهتافات كأنها نشيدُ وطنٍ يُكتب من جديد. تناقلت الشاشات المشهد، وبدا للبنان لحظةً أنّه يستعيد نفسه من بين الركام.

غير أنّ النجاح، كما العادة في هذا الوطن المتعب، لم يكتمل.

فمع انقضاء النهار، قرّر بعض المتظاهرين أن يختموا يومهم بالتوجّه نحو مدخل ساحة النجمة، علّهم يُسمعون صوتهم من هناك، من قلب العاصمة حيث تُصنع القرارات وتُنسج الخيوط.

لكنّ الجيش كان في انتظارهم، بوجهٍ صارمٍ لا يعرف سوى الأوامر. انطلقت القنابل المسيلة للدموع، وتبدّدت الجموع كما يتبدّد الحلم عند أول مواجهة مع الواقع.

وانتهى اليوم كما بدأ: بوطنٍ يبحث عن استقلالٍ جديد، لا تحرسه البنادق، بل تحميه إرادة الناس.

يتبع…

اخترنا لك
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com