بيت #الثورة

بقلم بسام سنو – خاص بوابة بيروت

في إحدى أوائل اللقاءات التي جمعتني بأبطال الثورة، كان ذلك في فندق بادوفا، تعرفت على شخصية مميزة تُدعى ميسا منصور. لم تكن ميسا مجرد اسم في الساحة، بل كانت من الشرسات في الثورة، قوية الشخصية، وحضورها لا يُنسى. كانت تدرس خطواتها بحذر وقوة، وعندما تحدثت معها، علمت أنها تسعى إلى تمويل المنصات الموجودة في الساحة وتأمين بعض الطعام للمتواجدين هناك.

لم أتردد، فتطوعت معها لتأمين جزء من الخضار والفواكه التي أستطيع توفيرها. ومن هنا انطلقت الأمور، وعبرها تعرفت على الثائر شفيق بدر والثائرة بولا ربيز. في البداية، لم تكن الأمور واضحة، ولم تكن الرؤية محددة، إلا أن طابع الحماس كان هو سيد الموقف.

تحمس شفيق وطرح فكرة إنشاء بيت للثوار، يحتضن كل الثوار القادمين من خارج بيروت، ويوفر لهم مركزاً بعيداً عن الساحة ليكون مصدر تفكير ومركزاً حاضناً للوطن، ومستودعاً يغذي الساحة بالمواد الغذائية والتبرعات العينية. وهكذا وُلدت فكرة بيت الثورة.

وكان شفيق يملك منزلاً قديماً في الأشرفية، حي بيضون، شبه مهدم ومعدم من حيث التجهيزات، لكن بدعم من بعض الثوار استطعنا تأمين الإنارة وبعض العفش، كي يتحول إلى مركز للثورة.

مرّت الأيام، وكان البيت يجمعنا، حتى انتهى الأمر لأسباب غير واضحة ولم تكن في الحسبان. بعد خلافات حول موضوع بيت الثورة، فضلت إعادة بناء خيمة تكون مقصفاً ومقهى للحوار بين الثوار وملتقى للنقاشات. فأنشأت خيمةً أسمتها خيمة دعم الساحة.

كانت هذه الخيمة تقدم الشراب الساخن في كل الأوقات لقاصديها، ووجبة طعام صباحية وعشاءً بسيطاً للمقيمين. كانت مجهزة بأحدث سبل الراحة، ومعزولة جيداً ضد المطر. واستطعت تأمين شخصين ينامان فيها ويحميانها، وأذكر منهم مراد، شاب مهذب حافظ عليها حتى طلب منه مغادرتها في آخر أيام الثورة.

أما ميسا، فكانت تعقد الاجتماعات قبل انطلاق بيت الثورة في منزلها، وكانت دؤوبة في البداية على تأمين حاجات الثوار من طعام وغذاء إلى أن أمّنت خيمة المقاصد آنذاك.

كانت رحلة صعبة، لكنها مليئة بالحياة، بالحب، وبروح الثورة التي لا تموت.

يتبع…

اخترنا لك
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com