بقلم بسّام سنّو – خاص بوابة بيروت

كاتب وناشط سياسي
في زمنٍ كان الوطن بأمسّ الحاجة إلى بناء الاقتصاد وإحياء مؤسساته، خرجت من رحم الدولة دويلةٌ قامت على تجارة البشر، واتخذت من تدمير العقول واستباحة مستقبل الشباب العربي وسيلةً للثراء والسلطة. باعوا أبناء الأمة المخدَّرين مقابل سلاحٍ زائفٍ، خادمين العدوّ في مخطّطه لتدمير مجتمعاتنا، فدمّروا مجتمعهم العربي بأيديهم، وظلّوا على مدار السنين يقدّمون له الخدمات من حيث لا يشعرون أو لعلّهم يشعرون.
ذلك الحزب آمن بأنّ السلاح هو “زينة الرجال”، بينما كان السلاح الحقيقيّ في هذا العصر هو الاقتصاد. فبدلاً من بناء اقتصادٍ منتجٍ ومستقرّ، دمّر اقتصاد بلده، حين اعتمد على اقتصاد الكاش، فخرّب باشخاص اتى بهم إلى السلطة المصارف، ونسف أسس الدولة، ليبني دويلته القائمة على تجارة المخدّرات والكابتغون. واستند في حكمه إلى الإجرام، فقمع كلّ من وقف بوجهه من إعلامٍ حرٍّ أو قضاءٍ نزيهٍ أو رجال دولةٍ شرفاء، واحتمى بحكوماتٍ خارجيةٍ كانت له الملاذ الآمن من إيران وسوريا بنظامها المتهالك.
لكنّ المشهد يتغيّر اليوم.
نحن نعيش بدايات إعادة بناء الدولة، عبر محاربة تجارة المخدرات ومنع التهريب المنظّم للسلع التي كانت تُدخل تحت أسماء جمعياتٍ وهمية. وللمرّة الأولى، نرى البضائع تدخل إلى لبنان عبر جماركٍ حقيقية، مانعةً لتجّار الشنطة ومبيّضي الأموال من التسلّل خلف شعاراتٍ زائفة.
إنّ استمرار الدولة في هذا النهج الصارم سيترك أثرًا إيجابيًّا عميقًا على إعادة الثقة بالاقتصاد اللبناني، وسيمنع أولئك الذين سيطروا على مقدّرات البلاد ورهنوا اقتصادها لمصالحهم من البقاء متفرّدين بالسلطة والثروة. فقد احتكروا الوطن تحت ذريعة السلاح والدفاع عنه، بينما كان هدفهم الأول هو الاستفراد بالوطن ونهب خيراته.
خلال سنواتٍ قليلةٍ قادمة، سنشهد انهيار اقتصادهم القائم على الجريمة، وسنرى عُهرهم يتهاوى أمام عدالةٍ قادمة لا محالة. سيعود القانون الدولي ليكون سيد الموقف في بلدٍ ظنّ هؤلاء أنّ جرائمهم هي القانون وأنهم فوق كل اعتبار.
لكنّ الحقيقة الباقية أنّ لبنان، رغم الجراح، لا يموت.
فما بُني على الفساد والدم لن يصمد أمام إرادة الإصلاح والقانون.
وما سُلب بالقوّة، ستسترده الدولة بالعزم والعقل، لأنّ السلاح الأصدق هو الاقتصاد النظيف، والكرامة لا تُشترى بمالٍ ملوّثٍ بالمخدرات والدماء.
لبنان سيعود، لأنّ الحقّ لا يموت وإن طال ليله. ولأنّ هذا الشعب، رغم الألم، لا يركع إلاّ لله.