لقاء #مصيلح… إعادة الإعمار بأيدي السارقين؟

“اللقاء التنسيقي نحو إعادة الإعمار”... استثمار الدمار في صناديق الاقتراع

“اللقاء التنسيقي نحو #إعادة_الإعمار”… استثمار الدمار في صناديق الاقتراع

بقلم بلال مهدي
@BilalMahdiii

لم يكن ما سُمّي بـ “اللقاء التنسيقي نحو إعادة الإعمار” في مصيلح خطوةً وطنية كما حاول منظموه تسويقه، بل مشهدًا سياسيًا مكشوفًا يهدف بالدرجة الأولى إلى تثبيت هيمنة “حزب الله” و“حركة أمل” على مصير أموال إعادة الإعمار “إذا وجدت”، واستخدامها كورقة نفوذ انتخابية مبكرة استعدادًا لاستحقاق انتخابات 2026.

فالاجتماع الذي جمع رموز السلطة التقليدية تحت راية “الإعمار”، لم يكن عن الإعمار بقدر ما كان عن إعادة التموضع والتمسك بالسلطة. الرسالة كانت واضحة، الأموال التي ستُضخّ لإعمار الجنوب، أو لأي مشروع إنمائي، ستمرّ عبر الثنائي الشيعي حصراً، في مشهدٍ يُعيد إلى الأذهان سنوات الوصاية والاحتكار والزبائنية السياسية التي دمرت ما تبقّى من هيكل الدولة.

لكن الخطير في المشهد أنّ من اجتمعوا اليوم باسم “الإعمار”، هم أنفسهم من تسببوا بالدمار والنهب والإفقار طوال أكثر من خمسة وثلاثين عامًا.

فكيف يُمكن الوثوق بمن شارك في تقويض مؤسسات الدولة، وإفراغها من صلاحياتها، ونهب مواردها، ليكون اليوم الوصيّ على مشاريع إعادة بنائها؟

وكيف يمكن تسليم الأموال والمساعدات الدولية إلى أحزابٍ مدرجة على لوائح العقوبات بتهم الفساد وتمويل الإرهاب، دون أن يشكل ذلك خطرًا مباشرًا على سمعة لبنان وشرعية مؤسساته؟

الهدف الخفي من وراء هذا اللقاء ليس إعادة إعمار الحجر، بل إعادة إعمار النفوذ.

فـ “الثنائي” يحاول عبر هذه المنصة أن يظهر كـ “المنقذ” و“الضامن” لتعويض الناس المنكوبة، فيما الحقيقة أن المواطن الجنوبي بات رهينة الخوف والابتزاز، يُلوَّح له بالمساعدات والتعويضات مقابل الولاء الانتخابي.

المواطن الغارق في الأزمات مغلوب على أمره، مهدّدٌ بأن يُجبر على إعطاء صوته في صناديق 2026 كي لا يُحرم من تعويض دمار منزله أو باب رزقه.

وأمام هذه الوقائع، يبرز السؤال الجوهري، أين هي الأحزاب السيادية والمسؤولون الذين يتحدثون عن استعادة الدولة؟ لماذا الصمت على قرار حصر ملف الإعمار بيد الثنائي، في تناقضٍ فاضح مع مبدأ الدولة القادرة؟

وأين هي الدول التي ترفع شعار “دعم التغيير” و“حماية الشيعة من التهميش”، وهي تبارك ضمنيًا هيمنة من يحملون السلاح على القرار الاقتصادي والمالي للدولة؟

إنّ “اللقاء التنسيقي نحو إعادة الإعمار” ليس مشروعًا إنمائيًا، بل مشروعًا انتخابيًا بامتياز، يهدف إلى تحويل المعاناة الشعبية إلى رصيدٍ سياسي، واستثمار آلام الناس في صناديق الاقتراع المقبلة.

إنه مشهد يعيد إنتاج الأسلوب القديم نفسه. إعمارٌ مشروط، ومالٌ سياسي، ودولة تُدار من خارج مؤسساتها.

في النهاية، يبقى الأمل أن يدرك اللبنانيون أن إعادة الإعمار الحقيقية لا تبدأ من مصيلح، بل من كسر حلقة الاحتكار والهيمنة، وبناء دولة لا تساوم على كرامة مواطنيها مقابل “تعويضٍ انتخابيٍّ مشروط”.

اخترنا لك
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com