الرئيس #برّي مُلزَم بِطَرح مشروع #الحكومة
بقلم سعيد مالك
بتاريخ 19/7/2005 صدر القانون رقم 679 عن مجلس النواب، المُتعلّق بتأجيل النظر بالمراجعات أمام المجلس الدستوري.
وبتاريخ 28/7/2005 انبرى عدد من النواب إلى الطعن بالقانون المذكور. حيث تسجّلت مُراجعتهم تحت رقم أساس 12/2005. واستند الطاعنون إلى عدد من المخالفات، أهمّها خرق مبدأ الفصل بين السلطات.
وبتاريخ 6/8/2005 أصدر المجلس الدستوري قراره النهائي في المراجعة المذكورة، تحت رقم قرار 1/2005 وقضى بإبطال القانون المطعون فيه إبطالًا كُلّيًا، لمُخالفته الدستور، لا سيّما مبدأ الفصل بين السلطات، والمبادئ الدستورية المُكرّسة فيه أو المعتمدة من ضِمن الكتلة الدستورية.
وبالعودة إلى القرار المذكور، يتبيّن لنا جليًّا أنّه نصّ على ما يلي:
بما أنّ المجلس يرى أنّ قيام السلطة المشترعة، دون أية إجازة دستورية، بكف يد المجلس الدستوري عن النظر بالمراجعات الواردة إليه، تحت أيّة ذريعة كانت، إنما يقع باطلًا بُطلانًا كُلّيًا لأنّه يؤدّي إلى طُغيان سلطة دستورية على أُخرى وتعطيل عمل سلطة دستورية مُستقلّة بِفِعل دستورية أُخرى:
” Considérant qu’aucune disposition de la Constitution non plus que de la loi organique… ne permet aux autorités ou aux parlementaires habilités à déférer une loi au Conseil constitutionnel de le dessaisir en faisant obstacle à la mise en oeuvre du contrôle de constitutionnalité engage”.
C.C.96-386 D.C, 30 déc. 1996, Rec. 155; Les grandes decisions de Coseil constitutionnel, 11e éd., no 23, p.3111.
مما يُفيد، أن المجلس الدستوري أرسى قاعدة دستورية لا يُمكِن تجاهلها أم مخالفتها. فحواها أنه لا يُمكِن لأي سُلطة دستورية أن تُعطّل عمل سُلطة دستورية أُخرى.
من الثابت أن إنجاز الانتخابات النيابية هو من صلاحية ومهام السُلطة التنفيذية حصرًا. وقد رأت هذه السُلطة أنه لكي تتمكّن من إنجاز هذا الاستحقاق المُلقى على عاتقها، لا بُدّ مِن إدخال بعض التعديلات على قانون الانتخاب رقم 44/2017 (بمعزل عن ماهيّة هذه التعديلات). لذلك فهي بِصدد إحالة مشروع قانون مُعجّل لإدخال هذه التعديلات.
مِن هُنا، مِن واجب السُلطة التشريعيّة تلقف هذا المشروع المُعجّل، وطرحه على جدول أعمال أوّل جلسة تشريعية، تسهيلًا لعمل الحكومة، عملًا بأحكام الفقرة “هـ” من مقدّمة الدستور والتي تتكلّم عن مبدأ الفصل بين السُلطات وتوازنها وتعاونها. لا سيما، وأن المهل باتت ضاغطة، والاستحاقاق الدستوري بات على الأبواب.
أمّا وبحال استمر الرئيس برّي في تعنته، بِرَفض طرحه على الهيئة العامة. فذلك لا يُمكن تفسيره إلّا بمثابة كف يد السلطة التنفيذيّة عن إنجاز الاستحقاق. وطُغيان السُلطة التشريعية على السلطة التنفيذية، وتعطيل السلطة التشريعية لِعمل السلطة التنفيذية. وشلّ عمل سلطة دستورية مِن قِبَل سلطة دستورية أُخرى. وهذا التصرُّف مُخالف للدستور ولأحكام الفقرة “هـ” من مقدّمة الدستور التي تنصّ على توازن السلطات وتعاونها. وأيضًا للمبادئ الدستورية المُكرّسة والمعتمدة مِن ضمن الكتلة الدستورية.
مِن هُنا، نُناشد الرئيس برّي بالكف عن مخالفة الدستور وأحكامه. فلا يُمكن لسلطة دستورية أن تُعطّل أو تشلّ عمل سلطة دستورية أُخرى. ولا يُمكن لرئيس أي سلطة دستورية شلّ أو تعطيل عمل سلطته الدستورية التي يرأس.
أمّا لجهة أن تلك المبادئ غير واردة صراحةً في النصوص. فذلك طبيعي. لأن هذه المبادئ هي من المُسلّمات والبديهيّات، التي ليست بحاجة إلى نصّ لتكريسها.
فنعود ونُكرّر، أنه ومع تمادي الرئيس برّي في تجاوزاته لأحكام الدستور والمبادئ الدستورية المكرّسة والمعتمدة من ضِمن الكتلة الدستورية، يقتضي على مَن أناط به الدستور مهمّة الحِفاظ على الدستور وأحكامه، القيام بما يَلزَم، حفاظًا على الدستور، وصيانةً له.