البابا وشمس الدين في ندوة منظمة العمل عن الانتخابات…

لا أصلاح للتمثيل النيابي تحت سلطة هذه الطبقة السياسية

أقامت منظمة العمل اليساري الديمقراطي العلماني ندوة حوارية في مقرها بمنطقة وطى المصيطبة، مساء الأربعاء الموافق في 5/11/2025 تحدث فيها كل من المديرة التنفيذية لـ الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات الاستاذة ديانا البابا، والباحث في الشركة الدولية للمعلومات محمد إبراهيم شمس الدين، تحت عنوان “الانتخابات النيابية بين القانون والإشكاليات المفتوحة”، بحضور حشد من الشخصيات السياسية والثقافية والنقابية والحزبية منهم: رئيس المكتب التنفيذي للمنظمة زكي طه، عضو مجلس الفكر في حزب الكتائب فيليب عقل، والسيد رضوان الاسير ممثلاً النائب نبيل بدر. المهندس راشد صبري حماده، د. سليم أديب، العميد هاروت كريكوريان، العميد خالد جارودي. يسرا التنير، د. فاطمة مشرف حماصني. المحامية ايمان طبارة. د. حسن قبيسي، د. سمير الحلبي، فادي غلايني، د. قاسم علوش،، النقابي محمد قاسم، وارف قميحة، الاعلامي باسم سعد، محمود أبو شقرا، وسيم غندور، محمد البابا وأمين سر المنبر البلدي جمال حلواني.

تولى التقديم الاستاذ محسن زين الدين بكلمة أكد خلالها على أهمية الانتخابات النيابية كونها بوابة أمام الناس لانتخاب ممثليهم أو تصحيح هذا التمثيل من خلال عدم تجديد انتخابهم. لكننا في لبنان لم نصل إلى ذلك بالنظر إلى غياب المحاسبة واضطرارنا للانتخاب ضمن القيد الطائفي. ولأننا كما يقال على أبواب الانتخابات سأطرح مجموعة من الأسئلة والإشكاليات. بدءاً بالسؤال هل ستجري الانتخابات في موعدها أم تؤجل، وخطر العدوان الإسرائيلي يخيم على البلاد. ثم هل ستجري الانتخابات هذه المرة هل على أساس القانون الحالي أم بعد احداث تعديلات شكلية عليه ؟ وهناك أيضاً مسألة انتخاب المغتربين ومكان وآلية الانتخاب وعلى اية اسس. وماذا عن التمثيل النسائي والكوتا والنسب التي ستعتمد في الترشح القانون. وهل هناك إمكانية لاختراق القلاع الطائفية وتكرار تجربة الانتخابات الماضية. ثم ماذا يمنع الانتخاب في مكان السكن تلافيا للانتقال إلى مراكز القيد. وصولاً إلى تجديد السؤال حول سن الاقتراع واسباب استمرار حرمان من هم في سن الـ 20 والـ 19 من حقهم في التصويت وفي التمثيل الشبابي داخل المؤسسة التشريعية. وختم بطرح العديد من التساؤلات حول القوانين الانتخابية مشرف حماصنيوأي منها هو الأفضل لبلد مثل لبنان.

تولت الاستاذة ديانا البابا الحديث بداية فأشارت إلى أنه من خلال عملها في جمعية مراقبة الانتخابات في رصد المخالفات ومدى تأثيرها على حق الاختيار توصلا إلى إمكانية الطعن في النتائج التي يجري الإعلان عنها. وقالت إن رصد الجمعية يبدأ قبل يوم الاقتراع ويشمل عملية التحضير، وما يرافقها من مخالفات على صعيد الحملات الانتخابية والمبالغ المالية المرصودة، وما تشهده الأقلام من مخالفات تبلغ حدودا تطعن بالعملية الديمقراطية من جذورها. ورأت أن الجمعية طالبت وتطالب بقانون انتخاب عصري مختلف عن القانون الحالي. وإذا كان النظام الأكثري يهمش فئة واسعة من المواطنين، فالنظام النسبي المعتمد يهمش مبدأ المواطنية من أساسه. ولذلك دعونا إلى الإصلاح الانتخابي، علما أن عملية التغيير تواجه صعوبات كبرى باعتبار أننا كنا وما نزال تحت تأثير الزعامات والقوى الطائفية والاعتماد على الخدمات والتبعية والزبائنية ما يجعل المحاسبة غير مطروحة، بالنظر إلى أن الطبقة السياسية التي تمسك بمقاليد الأمور ترفض أساسا وبالأصل مبدأ تداول السلطة. وقالت إنه بعد نضال طويل أقر نظام التمثيل النسبي وهو انجاز، يتحكم به الصوت التفضيلي وغايته إعادة إنتاج الطبقة السياسية نفسها. وكان الهدف من اقراره إرضاء شكلي للمجتمع المحلي والدولي، كما هو الحال بالنسبة لهيئة الإشراف على الانتخابات. ما حدث ويحدث هو افراغ كل انجاز من مقوماته، فمثلا ومع انتقال الاقتصاد من المصارف إلى الاقتصاد النقدي بات من المستحيل مراقبة النفقات الانتخابية. ثم هناك مسألة الحضور الإعلامي لأن أقل اطلاله على التلفزيون تكلف المرشح ما لا يقل عن 20 ألف دولار، وهو مبلغ لا يتوافر الا للمتمولين من المرشحين. ودعت إلى اعتماد إلزامية الكوتا بدل وضعها في اللوائح كـ “أكسسوار”. فما يجري هو عملية تهميش منهجية مقصودة للمرأة. وأشارت إلى ضرورة احترام دورية الانتخابات وجميع الاستحقاقات الدستورية، لأنه مع كل انتخابات يطرح السؤال هل ستجري أم تتأجل. والمؤسف أن الحديث عن اصلاح القانون الانتخابي يطرح كل أربع سنوات فقط. ومرد ذلك هو غياب المعارضة الديمقراطية المستقلة، وفراغ الساحات والشوارع من الحركة الشعبية والمطلبية. وما يجري الآن من مناقشات بين الكتل النيابية ليس أكثر من إعادة اجترار لتعديلات لا تغير من جوهر القانون، وهدفها تأكيد التجديد للطبقة السياسية نفسها. وتطرقت إلى انتخابات المغتربين وتوزيع المقاعد الستة على القارات والطوائف وتساءلت هل يدري أحد على أي قاعدة ستعتمد ومن يراقبها وكيف سيجري تطبيق القانون. ودعت ختاما إلى انشاء 6 مراكز “ميغا سنتر” في المرحلة الأولى.

أما الباحث محمد شمس الدين فاستهل حديثه بالقول أيا تكن انتماءاتنا السياسية والفكرية والطائفية فقد بات معظمنا مقتنع أن هذا النظام لا يمكن له أن يستمر. ومثل هذا القول أكثر انطباقا على فئة الشباب التي باتت تعتقد وعلى نحو راسخ أن لا مستقبل لها في البلد لذلك تتجه نحو الهجرة والاغتراب. أما السبب فهو أن كل قانون انتخابي يأتي أسوأ من سابقه. وعرض للانتخابات الـ 16 التي حدثت منذ الاستقلال وحتى اليوم، وما أفرزته من تعديلات عددها 10 مرات منذ العام 1943 وإلى العام 2018. ووصف التعديلات بأنها اقتصرت على رفع وخفض عدد النواب وتوسيع وتضييق الدوائر الانتخابية، دون أي منطق سوى مراعاة مصالح القوى السياسية الطائفية المهيمنة. ولذلك لم تتطرق إلى الجوهر من العملية الانتخابية بما هو ضخ دماء جديدة في شرايين الحياة السياسية. وعليه فما جرى لا يمكن القول معه إنه بات لدينا قانون عصري يصحح التمثيل السياسي في البلاد، فالقانون الحالي الذي أقر في العام 2017 جرى تفصيله على مقاس القوى الطائففية المهيمنة. ومن خلال ما ورد فيه من مواد يستطيع أي مدقق أن يعرف النتائج في 15 دائرة. وتطرق إلى مسألتي الحاصل الانتخابي والعتبة الانتخابية والفارق بينهما وما يتركه كليهما من أثر على النتائج داعيا إلى استبدال الحاصل الانتخابي المعتمد بالعتبة الانتخابية. وشدد على أهمية الكوتا النسائية واستعرض أرقام المرشحات منذ الاستقلال وحتى اليوم. مؤكدا أن المرأة تترشح ولكنها لا تصل. وقال إنه بموجب القانون الحالي هناك 94 مقعدا معروفة النتائج سلفا، أما التنافس فيجري على 34 مقعدا وهذه تتأثر بمسائل متعددة من بينها موضوع الصوت الاغترابي ومشاركة أو عدم مشاركة تيار المستقبل والتحالفات التي يمكن أن تطرأ بين الكتل النيابية والمال الانتخابي والمناخ الدعائي وغيرها. وهذه ستترك بصماتها على من يفوز ومن يخسر اذا ما قررت الكتل نقل مواقع ثقلها من داخل الطائفة إلى التأثير على المرشحين من خارج طائفتها. وقال فيما تقترب الانتخابات من موعدها المفترض لا أحد يملك جوابا قاطعا لغاية ىلآن حول امكانية اجرائها من عدمه، لأن الامر مرتبط بمعادلات خارجية أساسا وداخلية ثانية. وقدم تفصيلات حول النتائج المتوقعة في معظم الدوائر التي يتم التنافس على إيصال المرشحين إلى مقاعدها. وتوقع أن يواصل اللبنانيون هذه المأساة مادامت كل طائفة تعتبر زعيمها هو عبارة عن إله، لذلك تستمر في السير وراءه دون مساءلة، وبالتالي لحس مبرد الكارثة التي تعيشها البلاد على مختلف الأصعدة.

بعد مداخلتي المحاضرين أدلى عدد من الحضور بأسئلة ومداخلات تمحورت حول المعضلات التي يتركها غياب المعارضة الديمقراطية المستقلة والحركة الشعبية عن الشارع في عملية الضغط من أجل إقرار الإصلاحات في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وضرورة السعي نحو إعادة استنباتها لمواجهة سياسات أهل السلطة والمخاطر التي تهدد واقع مصير البلاد ومستقبلها. وقد ردت البابا وشمس الدين على الأسئلة الموجهة لهما.

اخترنا لك
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com