#لبنان تحت المجهر

بقلم بسام سنو – خاص بوابة بيروت

يبدو أن لبنان اليوم يعيش أكثر لحظاته دقّة منذ عقود، ليس فقط بسبب أزماته الداخلية المتراكمة، بل لأن العدسة الدولية، وتحديدًا الأميركية، وُجّهت نحوه مجددًا… ولكن هذه المرة بحدة غير مسبوقة.

مصادر دبلوماسية تتحدث عن تحرك لافت من قبل الإدارة الأميركية السابقة، وتحديدًا من فريق الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي لم يترك الساحة اللبنانية منذ عودته للحكم مستعينًا بمساعديه في وزارة الخزينة لإيصال رسالة قاسية وواضحة إلى الحكم في لبنان.

الرسالة لا لبس فيها، “انتهى وقت المزاح… لا سلاح ولا مال للحزب ومؤيديه. ومن لا يلتزم سيدفع الثمن.”

إنها كلمات تحمل في طياتها إنذارًا صريحًا بأن المرحلة المقبلة لن تشبه ما سبقها. فالإدارة الأميركية، كما يبدو، قررت الانتقال من سياسة الضغط البطيء إلى سياسة الحصار الخانق، سواء عبر العقوبات المالية أو عبر دعم خطوات ميدانية قد تُغيّر معادلات المنطقة برمّتها.

ما يزيد المشهد خطورة أن هذا التصعيد الأميركي يتزامن مع تطورات عسكرية مقلقة، مع استمرار التوتر على الحدود الجنوبية وتصاعد المخاوف من انزلاق لبنان إلى مواجهة أوسع. في هذا الإطار، تأتي تصريحات رئيس مجلس النواب نبيه بري قبل أيام لتؤكد عمق الأزمة، “لم أمرّ خلال وجودي في الحكم بظروف قاسية كهذه.”

كلمات بري تعبّر عن واقع بات يدركه الجميع: لبنان اليوم في قلب العاصفة، بين مطرقة العقوبات وسندان الحرب.

الأميركيون “وفق مصادر مطلعة” يريدون حسم الملف اللبناني قبل نهاية العام. فالمهلة، كما يُقال، ليست مفتوحة، والجيش اللبناني أمام اختبار صعب: إما أن يتولى بنفسه فرض الاستقرار وضبط السلاح غير الشرعي، أو أن يُترك المجال لـ”الآخرين”، “في إشارة واضحة إلى الكيان الصهيوني” لـ”إنهاء الأمر من الناحية العسكرية”.

الخطير في هذه الرسائل أنها تأتي مترافقة مع وصول السفير الأميركي الجديد ميشال عيسى إلى بيروت، الذي يُعرف في الأوساط الدبلوماسية بلقب “الصقر”. الرجل ليس دبلوماسيًا عادياً، بل من أبرز صقور إدارة ترامب، وذو سجل حافل في الملفات الحساسة.

وجوده في بيروت ليس تفصيلاً عابراً، بل يعكس توجهاً أميركياً نحو مرحلة هجومية دبلوماسية وأمنية واقتصادية في آن واحد.

هذا التوقيت لا يمكن فصله عن الصراع الإقليمي الدائر: من غزة إلى الجنوب اللبناني، ومن طهران إلى واشنطن، كلها خيوط مترابطة ضمن لوحة واحدة عنوانها “إعادة رسم التوازنات بالقوة”.

لبنان، للأسف، ليس في موقع الفاعل بل في موقع المتأثر. الأزمة الداخلية، الانهيار المالي، الانقسام السياسي، كلها تجعل البلد هشًّا أمام أي ضغط خارجي. وفي ظل هذا الواقع، تبدو الرسالة الأميركية الأخيرة وكأنها تقول، “الوقت انتهى، إمّا أن تختاروا الدولة، أو تُدفنوا تحت أنقاضها.”

ما ينتظر لبنان في الأسابيع المقبلة ليس بسيطًا. القادم يحمل قرارات صعبة ومواجهات محتملة، وقد يكون على الطبقة السياسية أن تدرك أن زمن المراوغة قد انتهى. فالإقليم يتغيّر بسرعة، ومن لا يتكيّف مع المتغيرات، سيتحوّل إلى ضحيةٍ لها.

اللبنانيون تعبوا، والعالم يراقب، أما “المجهر الأميركي” فقد استقر فعلاً على بيروت…

ويبقى السؤال، هل يتّعظ الحكم قبل أن يفوت الأوان؟

اخترنا لك
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com