#فتوى_إيرانية : سلاح الحزب لـ #نتنياهو

في منتهى الجدّ

بقلم أحمد عياش

يتحضّر لبنان لجولة عسكرية إسرائيلية تنهي سلاح “حزب الله”. وتتعدد الروايات حول موعد الجولة وسط ترجيحات أنها ستكون بعد زيارة البابا لاوون الرابع عشر للبنان في نهاية الشهر الجاري ولغاية الثاني من الشهر المقبل.

ويتمنى اللبنانيون عمومًا والضحايا المحتملون لهذه الجولة خصوصًا، لو يقرر قداسة الحبر الأعظم نقل مركزه من الفاتيكان الى لبنان مؤقتا، كي يضمن أن الحرب لن تقع مجددًا. لكن هذا التمني لن يتحقق لأسباب يطول شرحها. لكن هناك طريق أقصر كي يتحقق هدف عدم وقوع الحرب، هي قيام “حزب الله” قبل وصول البابا إلى لبنان بتسليم سلاحه للدولة، وهو ما سيعتبره اللبنانيون معجزة تتحقق ببركات الزيارة التاريخية لرأس الكنيسة الكاثوليكية لوطن الأرز المقدس.

لكن افتتاحية صحيفة “كيهان” الإيرانية الناطقة باسم المحافظين أمس تقول بطريقة غير مباشرة إن تمني اللبنانيين بتسليم “حزب الله” سلاحه الى الدولة لن يتحقق. وذهبت الصحيفة إلى نقيض هذا التمني بقولها تحت عنوان “لآت” “حزب الله” إنه “كلما عبّر لبنان عن انفتاحه على نهج التفاوض السلمي لحل القضايا العالقة مع اسرائيل امعنت في عدوانها على السيادة اللبنانية”. أضافت “كيهان” تقول: “حزب الله” بدوره وجه رسالة مفتوحة الى الرؤساء الثلاثة والشعب اللبناني أكد فيها أن لبنان معني بوقف العدوان الاسرائيلي لا بالانجرار الى فخاخ تفاوضية تهدف الى تحقيق مكاسب لصالح “اسرائيل” محذراً من محاولات فرض نقاش حول حصرية السلاح خارج الإطار الوطني، مما يعكس إدراك الحزب لخطورة المرحلة”.

وقالت: “جاء بيان “حزب الله” بلآته بأنه غير مستعد لتسليم سلاحه وغير موافق على خيار التفاوض ولا للعودة عن خيار المقاومة. فمرحلة الردع لم تنته بعد وقف اطلاق النار، فيما التصعيد الاسرائيلي بمثابة رسالة للحكومة اللبنانية بأن أي مفاوضات ستجرى تحت النار، واستعداده خوض جولة قتال جديدة ضد “حزب الله”، بعد أن أجرت الفرقة 91 الصهيونية قبل أسبوعين مناورة تحاكي معركة دخول قوة الرضوان الى إسرائيل. وصار الهاجس الاسرائيلي من صواريخ الكاتيوشا الموجودة بمناطق أقرب وليس بعيدة المدى الموجودة في البقاع، ولذا تتمسك بالمناطق الخمس التي هي المناطق الأعلى طبوغرافياً والمشرفة على المستوطنات”.

وتابعت “كيهان” قائلة: “إن الحزب أصدر قبل اربعة عقود بيانًا كوثيقة سياسية عرّف فيها هويته وأهدافه وطبيعته العقائدية تحت عنوان “البيان المفتوح إلى المستضعفين في لبنان والعالم”. بينما حمل بيانه الجديد “الخميس الماضي” عنوان “الكتاب المفتوح الى الرؤساء الثلاثة والشعب اللبناني” مؤكدًا أن المقاومة هي الاساس، وليست احتكارًا لـ”حزب الله” وإنما هي دعوة للشرفاء للوقوف بوجه العدوان الاسرائيلي والبلطجة الأميركية وحق مشروع لكل الشعوب في الدفاع عن ارضها… إن البيان يؤكد أن موضوع حصرية السلاح لا يبحث استجابة لطلب اجنبي، وهو رسالة للعدو الصهيوني بالدرجة الاولى بأن ما بعد البيان ليس كما قبله”.

وخلصت صحيفة المحافظين الإيرانيين الذين يتبعون مباشرة للمرشد علي خامنئي إلى القول: “إن صمود “حزب الله” وقدراته الصاروخية المتجددة منع العدو الصهيوني من تحقيق أهدافه المركزية مثل الوصول إلى نهر الليطاني أو فرض شروط سياسية جديدة. إذن فليست المقاومة خيارًا سياسيًا وإنما ضرورة وجودية تمنح الدولة قوة تفاوضية أكبر”.

كانت الغاية من هذا العرض المطوّل لافتتاحية “كيهان” هي للفت الانتباه إلى أن مصادر إعلامية عدة قالت أمس إن “حزب الله” اندفع الى التصعيد مجددًا في موضوع السلاح بناء على طلب من مرجعيته الإيرانية كي تكون طهران جالسة إلى طاولة المفاوضات في المرحلة النهائية التي بلغتها حرب غزة وبدء مرحلة مماثلة في لبنان. وترافقت عودة الحزب إلى التصعيد السياسي مع تحرّك لافت للمبادرة المصرية التي يقودها مدير المخابرات العامة المصرية الوزير حسن محمود رشاد. والتقى الأخير قبل أيام مسؤولين فرنسيين في إطار بحث التطورات المتعلقة بالملف اللبناني.

يفترض تصعيد “حزب الله” السياسي بمؤازرة مباشرة من راعيه الإيراني أن هناك احتمالًا من إثنين: أن تكون ترتيبات المرحلة النهائية لموضوع سلاح الحزب قد أنجزت، ما يعني أن هذا السلاح سيختفي من الوجود كما هو مرتقب بالنسبة حركة “حماس” في غزة. أو أن “حزب الله” قرّر الذهاب إلى جولة جديدة من المواجهات بقرار إيراني مهما كانت النتائج التي تعني الخراب العام في لبنان لكن سيبقى بين انقاضه “حزب الله” رافعًا شارة النصر.

تصرفت الدولة بعد كتاب “حزب الله” المفتوح على أن جدول أعمالها في الذهاب الى مفاوضات مع إسرائيل والاستمرار في تطبيق خطة حصر السلاح على قاعدة أن قرار الحرب والسلم عاد إلى يد الدولة، كما أعلن رئيس الحكومة نواف سلام. لكن ما قرأناه في “كيهان” حول الكتاب المفتوح لـ”حزب الله” لا يتطابق مع ما قاله الرئيس سلام حول قرار الحرب والسلم في لبنان. فقد قالت “كيهان” إن هذا القرار ما زال بيد الحزب وسلاحه الذي لن يلقيه أبدًًا.

لا بل ان “حزب الله” يتحضّر ، كما جاء في تقرير نشرته أخيرًا مجلّة “فورين بوليسي” الأميركيّة إلى “تجديدِ قدراتهِ المتضرِّرة بشدّة”. وأوضح التقرير أنّّ مورغان أورتاغوس، المبعوثةَ الأميركيّةَ الخاصّةَ إلى الشرق الأوسط، زارت بيروت خلال الشهر الماضي للضغط على الرئيس جوزاف عون لنزع سلاح “حزب الله” “إلّا أنّها اكتشفت أنّ القول أسهلُ من الفعل”.

ماذا عن إسرائيل التي تشن عمليات يوميًا ضدّ أهداف لـ”حزب الله” تطاول المدنيين والممتلكات من الجنوب الى البقاع؟ يجيب على هذا السؤال فيض من التقارير الإعلامية وآخرها تقرير على موقع صحيفة “يديعوت احرونوت” الالكتروني، وحمل عنوان “معضلة إسرائيل: متى ستسقط المطرقة على “حزب الله”؟ وجاء فيه: “وضعت فروع الجيش والمخابرات الإسرائيلية اللمسات الأخيرة على خطة ضربة شاملة تهدف إلى إضعاف “حزب الله”. يمكن تفعيل الخطة إما بقرار سياسي أو إذا غيّر “حزب الله” قواعد الاشتباك وقرر الانتقام. ومن النقاط الساخنة المحتملة الأخرى الضربة في بيروت، حيث يخزّن “حزب الله” الأسلحة، على الرغم من أن إسرائيل لم تستهدف العاصمة حتى الآن”.

بدأنا بافتتاحية “كيهان” ونختتم بها. يؤكد خبراء بالشأن الإيراني ان صناّع القرار في ايران عندما تضطرهم الظروف يلجأون الى أدوات أيديولوجية كالمسابح والفتاوى وقراءة الطالع ذات الصلة بالحظ. وأظهر المرشد الإيراني علي خامنئي في الحرب الأميركية – الإسرائيلية الأخيرة على إيران في حزيران الماضي أنه المرجع في هذه الأدوات. لذا، تعطي افتتاحية “كيهان” إشارة الى أن الحرب إذا وقعت مجددًا في لبنان، وانتهى سلاح “حزب الله” على يد إسرائيل، فهو أفضل لمستقبل المشروع الإيراني في إيران وخارجها.

اخترنا لك
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com