خاص بوابة بيروت

كاتبة وناشطة سياسية
في زمنٍ تتزاحم فيه الأزمات وتتراجع فيه الثقة العامة، يطلّ الأمل من قلب الحوار البنّاء والعمل الجماعي.
ففي الثامن من تشرين الثاني ٢٠٢٥، احتضن فندق هيلتون متروبوليتن – سن الفيل ورشة عمل بعنوان “الأسس الاقتصادية للازدهار الوطني”، بتنظيم من المعهد اللبناني لدراسات السوق “LIMS” وأكاديمية القادة “Leaders’ Academy”، بمشاركة حشد من الشخصيات الوطنية والخبراء والناشطين في مجالات الاقتصاد والتنمية والسياسات العامة.
من الفكرة إلى الفعل: مشاركة واسعة ومشاريع طموحة
شارك في الورشة أكثر من خمسين شخصية لبنانية من مختلف المناطق، من أكاديميين وخبراء وفاعلين في المجتمع المدني، إلى جانب سبعة عشر مرشحًا محتملاً للانتخابات النيابية قدّم كلٌّ منهم مشروعه الاقتصادي الإصلاحي أمام الحاضرين.
وخلال الجلسات التفاعلية، تحوّل الحاضرون من متلقّين إلى صانعي قرار، إذ شاركوا في نقاشٍ مفتوحٍ وصوّتوا على المشاريع لا على الأشخاص، في تجربة ديمقراطية واعية جسّدت فكرة أن الإصلاح لا يقوم على الوجوه بل على البرامج والرؤى.
وقد شكّل هذا النموذج نقلة نوعية في أسلوب الحوار السياسي، حيث تلاقى الفكر الاقتصادي مع روح المشاركة، ليؤكد أن العمل الجماعي هو الطريق الحقيقي للإصلاح والازدهار.
مشاريع تُعبّر عن وجع الوطن وأمل المواطن
تضمّنت الورشة عرض ١٧ مشروعًا اقتصاديًا واجتماعيًا وتنمويًا، اختير منها سبعة مشاريع للدور الأول ومشروعان فائزان في المرحلة النهائية، بعد تصويتٍ شفافٍ ونقاشٍ حيوي.
ومن بين المواضيع المطروحة:
• استعادة الأموال المنهوبة
• اللامركزية الإدارية كمدخل للتنمية المتوازنة
• تحرير أملاك الدولة من قبضة السلطة والاحتكار
• النفايات كمورد اقتصادي: صيدا كنموذج وطني مستدام
• إعمار لبنان يبدأ من المرفأ
• إحياء سكك الحديد كمشروع وطني استراتيجي
• العودة إلى تغطية الليرة بالذهب
وفي ختام التصويت، فاز غادة عيد ووسيم غندور عن مشروعيهما اللذين نالا تأييد الأغلبية، وسط أجواءٍ من التقدير والاحترام المتبادل، حيث اتفق الجميع على أن كلّ مشروعٍ حمل بذرة أمل للبنان أفضل.
الاقتصاد بوابة الإصلاح والسلام المجتمعي
لم تكن الورشة مجرّد نشاطٍ أكاديمي، بل منصّة وعي ومسؤولية وطنية أكدت أن الاقتصاد ليس علم الأرقام فقط، بل علم الإنسان وكرامته.
فقد شكّلت النقاشات مساحةً لتلاقي الأجيال، حيث التقت رؤى الشباب الطامح بالتغيير مع خبرة الاختصاصيين، لترسم ملامح اقتصادٍ جديدٍ يقوم على العدالة والشفافية والاستدامة.
تحية تقدير
كل الشكر لفريق المعهد اللبناني لدراسات السوق (LIMS) وأكاديمية القادة (Leaders’ Academy) على تنظيم هذا اللقاء الوطني المميّز، ولكل المشاركين الذين جسّدوا بأفكارهم ووعيهم أن الازدهار يبدأ من المشاركة، والنهضة من الحوار.
إنها تجربةٌ رائدة تُعيد إلى اللبنانيين الثقة بأن الوطن يُبنى حين نصغي لبعضنا، ونضع المصلحة العامة فوق الانقسامات.
لبنان سيزدهر حين ننتخب المشاريع لا الشعارات، والضمير قبل المصالح.