كتاب مفتوح إلى فخامة الرئيس #جوزاف_عون
بقلم السفير د. هشام حمدان
@LBpresidency
فخامة الرئيس تحية احترام وبعد..
إسمح لنفسي أن أخاطبكم عبر الإعلام بعدما نشر عن توجيهات فخامتكم الى قائد الجيش بشأن التصدي لأي تسلل إسرائيلي على الأرض اللبنانية. وأيضا لما تكون لدي طوال عملي الدبلوماسي وخاصة خلال مشاركتي في تمثيل لبنان كمندوب مناوب للمندوب الدائم في الأمم المتحدة لأكثر من إثني عشرة سنة.
نعم، قرأت بقلق عميق وجزع هذا النبأ، لم أجزع يوما على لبنان كما الآن. أنا لا أشك أبدا بالشعور الوطني الذي يغلب فخامتكم ولا في نبل موقفكم، لكنني أخشى كثيرا ان يؤدي هذا الأمر إلى انزلاق لبنان ألدولة في مواجهة مع إسرائيل.
ربما أن نشر هذه التوجيهات غرضها تحذير القوى الفاعلة وأعضاء ألية مراقبة تنفيذ إتفاق تشرين الأول الماضي لإنهاء الحرب الإسرائيلية ضد حزب الله في لبنان، لكن مهما كان الغرض فقد جعل دولة لبنان جزءا من المواجهة مع إسرائيل. وهذا الأمر له مفاعيل خطيرة جدا لا تتعلق فقط بالأثمان المتوقعة من أية منازلة عسكرية بل أيضا في نتائج هذا الموقف على الحقوق الوطنية إزاء إسرائيل ومستقبل العلاقات معها.
فخامة الرئيس، أخاطبكم بكل صراحة مؤكدا في آن أني أضع نفسي في خدمة لبنان مهما كانت الظروف، وأسمح لنفسي أن أقول أن قلقي لا يتصل بضعف قدرات الجيش في مواجهة إسرائيل بل في الظروف التي تحيط بهذا الواقع السائد في الجنوب. لا شك أن الإستشهاد دفاعا عن الوطن هو شرف وعز لكل لبناني، لكن في ظل الظروف الحالية فأي موقف في مواجهة عمليات إسرائيل ضد حزب الله سينعكس أمام الرأي العام الدولي موقفا مؤازرا لهذا الحزب وليس دفاعا مشروعا عن النفس.
فخامتكم تقابلون يوميا المبعوثين الدوليين وتبدون آراءكم بشأن الخروقات الإسرائيلية بوضوح. لو كان هذا الموقف مقنعا لهم لكانوا تفاعلوا معه من دون حاجة لتهديدات عسكرية. لكنهم لم يفعلوا وهذا يعني أن النظرة إلى الخروقات الإسرائيلية لا تتصل بالمس في السيادة الوطنية بل في واقع إستمرار حزب الله معاندا تسليم سلاحه إلى الشرعية.
قد يندرج الموقف اللبناني لمواجهة إسرائيل في اطار موقف قانوني محق وفقا للمادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، لكن هذه المادة تتحدث عن عضو يتمتع بسيادته فعلا وليس منقوص السيادة كما حالتنا. كما أن العمليات العسكرية الإسرائيلية في لبنان ليست مفاجئة وآنية ولا تحتمل التريث في استخدام القوة العسكرية، بل هي جزء من عمليات مستمرة منذ خمسين سنة. كلنا يدرك أنها نتيجة موقف الرئيس شارل الحلو الذي خشي كما ادعى ، من حرب أهلية فسمح بتوقيع اتفاق القاهرة كي يقوم الفلسطينيون بحرب من لبنان افقدت لبنان سيادته على قرار الحرب والسلم.
فخامة الرئيس، أخشى أن موقفكم يستعيد موقف الرئيس شارل الحلو بتعريض لبنان مجددا لحالة الحروب الهالكة بسبب ضغوط الشارع. لا يمكن التنبؤ بما تبيته إسرائيل لنا. لكن في الأفضل الأحوال فهي لن ترتدع طبعا من هذا التحذير. نخشى أن تحول الجيش اللبناني إلى هدف.
أتمنى فخامة الرئيس، ان يتم اللجوء إلى أساليب اخرى غير المواجهة العسكرية. لقد نص الميثاق على آلية التعاطي مع هذه الحالة. إشراك المجتمع الدولي في الدفاع عن وطننا واللجوء إلى مجلس الامن أكثر فاعلية في الضغوط على الأطراف المعنية. أنظروا ما حصل في غزة. كما أن الرئيس ترامب رجل دولة يحب العمل من أجل السلام.
لطالما تمنينا فخامة الرئيس، أن يتفاعل لبنان الضعيف مع آلية الأمم المتحدة والقانون الدولي للحفاظ على حقوقه. اقترح اللجوء إلى مجلس الامن بغية التأكيد أولا على اتفاق الهدنة لعام ١٩٤٩ كقاعدة للعلاقات بين لبنان وإسرائيل، وتقديم اقتراح واضح لتعزيز قوات الطوارئ الدولية بهدف مساعدة الجيش اللبناني للقيام بما ينص عليه القرار ١٧٠١ والاتفاق الذي حصل في تشرين الأول الماضي.
إذا رفض المجلس اتخاذ موقف يستجيب لمتطلبات لبنان يمكن ان يتم العودة إلى الجمعية العامة تحت عنوان الاتحاد من اجل السلام القرار ٣٧٧ لعام ١٩٥٠. حصل هذا سابقا عند حصول مجزرة قانا عام ١٩٩٦ وكنت أنا في الامم المتحدة وحصلنا على قرار اصبح جزءا من التاريخ الأسود لإسرائيل.