بقلم سعيد مالك
ثلاثة أنواع مِن مشاريع القوانين يحق للحكومة إحالتها إلى المجلس النيابي.
النوع الأوّل مشروع القانون العادي، الذي يصدر عن الحكومة ويُحال إلى مجلس النواب، وتُتبع بخصوصه الأصول العادية في الإقرار والتشريع.
والنوع الثاني هو مشروع القانون المُعجّل المُكرّر، الذي يصدر عن الحكومة ويُحال إلى المجلس النيابي، وتُتبع بخصوصه الأصول والتي تُتبع في اقتراحات القوانين ومشاريع القوانين المُعجّلة المُكرّرة، المنصوص عنها في المادة 109 وما يليها من النظام الداخلي لمجلس النواب.
أمّا النوع الثالث من مشاريع القوانين، فهو مشاريع القوانين المُعجّلة، التي تصدر عن الحكومة، وتُحال إلى مجلس النواب وفقًا لأحكام المادة 58 من الدستور اللبناني. وتُتبع بخصوصها الأصول والمنصوص عنها في المادة 105 وما يليها من النظام الداخلي لمجلس النواب.
ويُطرح السؤال، ما الفرق بين مشروع القانون المُعجّل المُكرّر ومشروع القانون المُعجّل؟
مشروع القانون المُعجّل المُكرّر، لرئيس المجلس النيابي طرحه على المجلس في أوّل جلسة يعقدها بعد تقديمه،… كذا… وليس على رئيس المجلس… كذا… علمًا، أننا نرى أن صلاحية رئيس المجلس بطرح مشروع القانون المُعجّل المُكرّر على الهيئة العامة هي صلاحية مُقيّدة وليست استنسابية (رأي هيئة التشريع والاستشارات رقم 696/2006 تاريخ 17/11/2006). إضافةً إلى ذلك، فإن الهيئة العامة في المشاريع المُعجّلة المُكرّرة يحق لها إسقاط صفة العجلة عنها (المادة 112 نظام داخلي). كذلك ومع عدم إقرار هذه المشاريع لا يحق لرئيس الدولة إصدارها بمرسوم بعد موافقة مجلس الوزراء، سندًا للمادة 58 من الدستور.
أمّا في مشاريع القوانين المُعجّلة، فيقتضي على رئيس المجلس طرحها على الهيئة العامة للإقرار. وإن أُحيلَت إلى اللجان، فلهذه الأخيرة مهلة أسبوعين لتقديم تقريرها، (المادتان 106 و38 نظام داخلي). كذلك لا يحق للمجلس النيابي إسقاط صفة العجلة عنها (المادة 105 نظام داخلي). إضافةً إلى أن لرئيس الجمهورية حق إصدار القانون بمرسوم بعد انقضاء مهلة أربعين يومًا على إدراج المشروع على جدول أعمال هيئة عامة وتلاوته أصولًا، كلّ ذلك بعد موافقة مجلس الوزراء (المادة 58 من الدستور).
وبالإطّلاع على مشروع القانون الذي أقرّته الحكومة، من الثابت أن الحكومة قصدت إحالة مشروع القانون بصيغة المُعجّل وفقً لأحكام المادة 58 من الدستور. لكنه سقط سهوًا أنْ وُزع على وسائل التواصل أنه سيُحال بصيغة مُعجّل مُكرّر. لكن العِبرة للنص النهائي والذي سيصدر عن الأمانة العامة لمجلس الوزراء ما إذا كان مشروع القانون سيُحال بصيغة المُعجّل أم المُعجّل المُكرّر. علمًا أن العِبرة أيضًا لمرسوم الإحالة، حيث نصّت المادة 58 من الدستور على ضرورة أن يُذكَر في مرسوم الإحالة، أنه مُحال سندًا لهذه المادة. وهذا ما سيحصل.
وبالتالي، يكون مجلس الوزراء قد قام بما عليه، والكُرة باتت في مرمى المجلس النيابي، وتحديدًا في مرمى رئيس المجلس. الذي عليه أن يدعو إلى هيئة عامة لمناقشة مشروع قانون الحكومة المُعجّل، واقتراحات القوانين المُعجّلة المُكرّرة ذات الصِلة. وكلّ تأخير بذلك يتحمّل مسؤوليّته. سيّما وأن مهلة تسجيل المغتربين تنتهي في العشرين من الشهر الجاري (سندًا للمادة 113 من قانون الانتخاب 44/2017). مما يفرض إقرار مشروع القانون المُعجّل وتمديد مهل التسجيل للمغتربين في أقرب وقتٍ ممكن، سيّما وأن الوقت بات ضاغطًا، والانتخابات برُمّتها قد باتت في خطر مُحدق. والمطلوب مِن رئيس المجلس راهنًا أن يتعاطى مع هذا الملف بحُكم موقعه كرئيس لمجلس النواب، وليس كفريق سياسي لديه حسابات ضيّقة. فمصلحة الوطن أكبر مِن أي مصلحة. وكم نستذكر اليوم الشهيد الرئيس رفيق الحريري الذي قال: “ما حدا أكبر مِن بلدو” قالها ومارسها حتى آخر رمق. ومَن له أُذنان سامعتان فليسمع، والتاريخ لن يرحم.