بقلم بسام سنو – خاص بوابة بيروت
@sinno_bassam

كاتب وناشط سياسي
بعد أشهرٍ طويلة من الاعتصامات والتحركات الشعبية في الساحات، انتقلت الثورة من الشارع إلى مرحلةٍ جديدة عنوانها التنظيم. فقد دعا فريق متخصص في تنظيم المؤتمرات جميع الناشطين والثوار من مختلف المناطق اللبنانية إلى لقاءٍ جامع في فندق “رويال – ضبيه”، بهدف توحيد الصفوف تحت مشروع وطني طموح عنوانه «إعادة بناء الوطن».
استهدف اللقاء جميع الفئات الثورية على اختلاف أعمارها واتجاهاتها، وافتُتح المؤتمر في القاعة الكبرى بالنشيد الوطني اللبناني، ثم تلت الافتتاح كلماتٌ مؤثرة ألقاها عددٌ من الشخصيات الإعلامية والاقتصادية والسياسية المعارضة للنظام القائم، وتولت الإعلامية كارين بستاني إدارة الحفل بأسلوبٍ راقٍ وحيوي.
ولم يشأ المنظّمون أن يأخذ المؤتمر طابعاً فخماً أو مدعوماً من جهات خارجية، فكان الغداء مؤلفاً من سندويشات ومرطبات بسيطة، تأكيداً على استقلالية المبادرة وابتعادها عن شبهات التمويل الأجنبي. بعد ذلك انقسم الحاضرون إلى ورش عملٍ وجلساتٍ مغلقة لمناقشة سبل التنسيق بين المجموعات الثورية في مختلف المناطق اللبنانية.
إلا أن الجلسات سرعان ما تحوّلت إلى نقاشات حادة وخلافات فكرية بين التيارات المشاركة، إذ برزت الانقسامات القديمة بين الفكر اليساري والتيارات اليمينية المتشددة. فالثورة، على الرغم من وحدة شعاراتها، كانت تعاني من تباينٍ في الرؤى وسبل الحلّ، تماماً كما هو حال الشارع اللبناني الذي يجتمع على المبادئ ويختلف على طرق المعالجة.
خلال اللقاء، تعرّفنا إلى العديد من الناشطين من مختلف المناطق، أذكر منهم وسيم غندور من النبطية، محمد تبيت من بيروت، ووسيم القادري من البقاع. كما حضر العديد ممن التقيناهم يومياً في ساحات الاعتصام، مثل هيثم حكيم، خليل دني، وهيثم عربيد.
لقد كان لقاء رويال محاولة جديّة لبناء هيكلٍ تنظيمي للثورة، وخطوةً أولى نحو توحيد الجهود، غير أنّ العبرة الحقيقية كانت في النفوس، إذ لم تكن الأرضية البشرية ولا الذهنية العامة بعدُ مهيّأة لقيادة البلاد نحو الخلاص بفكرٍ جديدٍ ورؤيةٍ موحّدة ودمٍ متجدّد.