رصد بوابة بيروت
في ظلّ تفاقم التساؤلات حول مصير الأموال العامة في بلدية بيروت، أعاد المحامي علي عباس فتح واحد من أكثر الملفات حساسية في العاصمة، كاشفًا سلسلة معطيات خطيرة تتعلق بما وصفه بـ”النهب الممنهج” الذي تعرّضت له المدينة خلال سنوات سابقة، ولا سيّما في عهد المحافظ السابق زياد شبيب.
عباس، وفي بيان مطوّل، قدّم سردًا تفصيليًا لحجم الهدر الذي قال إنه تجاوز عشرات ملايين الدولارات، موزّعًا على ملفات تتراوح بين التلزيمات والصفقات والإنفاق غير المبرّر، وصولًا إلى مخالفات إدارية وقانونية مستمرة حتى اليوم.
وبحسب ما أورده، فإن من بين أبرز الملفات التي شابها الهدر قضايا مرتبطة بالزراعة والسلفات والإشارات التوجيهية، وصيانة المبنى البلدي وتنظيفه، إضافة إلى نفقات ما يُعرف بـ”حديقة المفتي الشهيد حسن خالد”. كما أشار إلى تلزيمات البنية التحتية، والزفت، والتشحيل، وفتح المجاري، ورش المبيدات والنفايات، فضلًا عن ملفات تتعلق ببلدية برج حمود.
وتحدّث عباس كذلك عن إعفاءات واسعة من الرسوم والغرامات، وسوء إدارة أملاك البلدية، وصولًا إلى تعديل الأوصاف القانونية لبعض الدعاوى بما كبّد البلدية تعويضات غير مستحقة. ولم يغفل ما وصفه بملفات “امتيازات” مرتبطة بمواقف السيارات، وبدل النقل، وبدل التمثيل، وملف الاستملاكات، إضافة إلى مخالفات الترقيات في فوجَي الحرس والإطفاء، وملف “سلف كورونا”، وسوق الخضار، ونفقات الشوكولا والورد والكوكتيل والقرطاسية المخصّصة لمكتب المحافظ.
وتطرّق أيضًا إلى صفقات تتعلق بالسيارات والدراجات النارية، واشتراكات الكتب والمجلات، والعقود الإعلامية، ومعاشات شهرية لمواقع إلكترونية وصحافيين، واستشارات وصفها بـ”التنفيعية”. وأشار إلى أنه تقدّم بإخبارات عديدة أمام القضاء بشأن هذه المخالفات، لافتًا إلى أن بعضها لا يزال قيد التحقيق أمام النيابات العامة، فيما اختفى بعضها الآخر في الأدراج، وهناك ملفات ادُّعي فيها رسميًا ولا تزال عالقة أمام قاضي التحقيق الأول في بيروت.
وإذ أرفق مثالين عن هذه الادعاءات، شدّد عباس على أنّ ما ظهر حتى الآن لا يمثّل سوى جزء من “الصورة الكاملة”، منتقدًا ما اعتبره ” امتناعًا متعمّدًا” من المجلس البلدي الحالي والسابق عن توكيل محامين لتمثيل البلدية في هذه الملفات واتخاذ صفة الادعاء الشخصي لاستعادة الأموال المنهوبة.
ولم يتوقف عباس عند ذلك، بل تحدث عن “فضيحة أكبر”، تتمثل “بحسب قوله” في بقاء عناصر مفروزة من فوج الحرس في خدمة المحافظ السابق رغم انتهاء ولايته ورغم تورّط اسمه في ملفات الفساد المشار إليها.
وختم بالقول إن ما جرى في بيروت ليس إفلاسًا ماليًا ولا نتيجة الانهيار الاقتصادي فحسب، بل “نهب منهجي ووقح” استهدف المدينة على مدى سنوات، واضعًا ما كشفه “برسم الرأي العام” لمعرفة ما آلت إليه مؤسسات العاصمة وأموالها.