ثمانية حروب على “حزب الله”! وآخرها..؟

سبعة مصادر تستهدفها حرب تجفيف تمويل "حزب الله"

لا يمكن تجنب الحروب المقبلة على حزب الله! ومن خلفه الحروب على لبنان! والأخطر أن المقبل هو أسوأ من الماضي!

وهذه الحروب، ليست من باب التنبؤات! ولا هي من باب التشاؤم. ولكنها مسار طبيعي لتطور الوضع السياسي والميداني بين حزب الله وبين اسرائيل!

بكل بساطة؛ حزب الله لن يقبل بتسليم سلاحه، وإسرائيل لن تقبل ببقاء هذا السلاح!

أمن اسرائيل، منع المخاطر عن المناطق الشمالية، استعادة ثقة الرأي العام الاسرائيلي بالجيش الاسرائيلي، “إجبار” لبنان على توقيع اتفاقية أبراهام، أو إدخال لبنان في معاهدة سلام أو تطبيع أبعد من اتفاقية الهدنة… كلها أمور تبرر، من وجهة النظر الاسرائيلية، الحرب ضد حزب الله!

ولن تشبه الحرب العسكرية على حزب الله سابقاتها هذه المرة؛ فاحتمال تدخل سوريا من جهة البقاع وارد. واحتمال الغارات المدمرة والقصف الجوي التدميري الاسرائيلي أكثر من وارد. واحتمال الانزالات الاسرائيلية خلف خطوط حزب الله محتمل ايضاً. كما قد يكون هناك مفاجآت جديدة من نوع “البيجرز” وأخواته! وصورة الحرب على حماس في غزة، وحجمها التدميري، ماثلة أمام الجميع!

من جهته، يقوم الجيش اللبناني بمسؤولياته جنوب الليطاني مع لجنة “الميكانيزم”، المكلفة فعلياً بدفن سلاح الحزب! وقد قدم قائد الجيش تقريره الى الحكومة اللبنانية بهذا الخصوص!

ومع ذلك، تقوم اسرائيل بقصف مواقع في قرى جنوبية، جنوب الليطاني، وبقاعية أيضاً، بحجة وجود مخازن أسلحة أو مواقع عسكرية أو أعمال على منشآت عسكرية!

في الواقع، لن يرتاح حزب الله ولن ترتاح بيئته قبل تسليم سلاحه!

وهو قد لن يرتاح “عسكرياً” حتى بعد تسليم سلاحه!

وقد يكون حزب الله مستهدفاً لتصفية قادته بعد تسليم هذا السلاح! هذا على الأقل ما يقوم مسؤولو حزب الله بتسويقه أمام مناصريه وبيئته. ولا أحد يقدر حقيقةً لا أن يؤكد ذلك ولا حتى أن ينفيه!

ومع ذلك، فإن احتفاظ الحزب بسلاحه عرضه، كما لم يمنع تعرضه، الى نكسات عسكرية قاسية، خاصة في الأيام العشرة السوداء الأقسى على الحزب منذ تأسيسه بين 17 و27 أيلول/سبتمبر 2024!

والخلاف الأساسي في موضوع سلاح حزب الله هو تفسير إذا ما كان سلاح الحزب استطاع حمايته وحماية مقاتليه وحماية بيئته وحماية قراه وحماية منازله وحتى حماية قادته (من دون الحديث عن حماية لبنان)! أو أنه لم يحمِ ولم يبنِ!

وما يعارضه حزب الله هو أنه لا أحد يستطيع تقديم ضمانات من اسرائيل لا حول انسحابها من النقاط التي تحتلها ولا حتى اختراقاتها “الألفية” لوقف إطلاق النار ولا وقف أي نوع من اعتداءاتها على لبنان!

وقد دخلت اسرائيل في مرحلة اعتداءات جديدة في بناء جدران داخل الأراضي اللبنانية. جدران لم تمنع عملية 7 أكتوبر وطوفان الأقصى. لا بل كانت هي السبب “المعنوي” لنجاحها!

“بيضة” وقف الاعتداءات أم “دجاجة” تسليم السلاح؟ أيهما يجب أن يحصل قبل الآخر!

في الواقع، لا يثق حزب الله، وعن حق، لا بالالتزامات الاسرائيلية ولا بالوعود الاسرائيلية.

ولا تثق اسرائيل بنية حزب الله بتسليم سلاحه، حتى بعد انسحابها. وحزب الله ليس مستعداً بالفعل لتسليم سلاحه، حتى بعد الانسحاب الاسرائيلي.

إن عدم الثقة المتبادل هذا، هو المؤشر الاساسي والقوي لوقوع الحرب العسكرية المدمرة المقبلة على حزب الله، وعلى لبنان من خلفه!

حروب كثيرة، أو وجوه كثيرة للحرب، تُشن، وستُشن على حزب الله في الحاضر وفي المستقبل القريب. وأبرزها:

1 – الغارات الجوية والقصف المستمر على مناطق جنوبية وبقاعية

وذلك، مع استهداف حالي أقل لمنطقة الضاحية الجنوبية. ولكن هذا الاستهداف سيكون قاسياً جداً في حال تجدد الحرب العسكرية “رسمياً”!

2 – “صيد” المقاتلين والقادة الميدانيين

وهو “صيد” مستمر بالمسيّرات لسيارات ودراجات نارية مع ارتفاع عدد شهداء الحزب الى أكثر من 400 شهيد منذ وقف إطلاق النار! كل ذلك مع تجنب اسرائيل اغتيال قادة حزب الله السياسيين، حتى الآن.

-في تقديرات الحرب الأخيرة خسر حزب الله حوالى 1.500 مقاتل. وأُصيب حوالى 9.000 (بينهم حوالى 4.000 في عمليتي البيجرز واللاسلكي). في حين تصل تقديرات الجيش الإسرائيلي، المبالغ فيها، الى سقوط 4.000 – 5.000 مقاتل من حزب الله.

3 – حرب الجرافات والحفارات

وهي حرب تمنع، وتضمن عدم العودة الى القرى والمنازل في القرى الجنوبية الحدودية المدمرة. وتمنع رفع الردميات والدمار، وتضمن عدم إمكانية البناء والقيام بمنشآت جديدة، حتى المدنيّة منها.

4 – حرب منع إعادة الإعمار

وهي حرب سياسية تمنع أي تمويل خارجي أو داخلي لإعادة إعمار القرى والمنازل، خاصة في القرى الجنوبية الحدودية، حتى تسليم حزب الله لسلاحه.

وقد لا تبدو إيران “رسمياً” مشاركة في إعادة الإعمار. ولكن استمرار تمويلها للحزب يسهم في جوانب من إعادة إعمار، ولو محدودة!

5 – حرب تجفيف التمويل

إنها الحرب الأخطر ضد حزب الله، والتي يمكن أن تسقطه بالضربة القاضية إذا ما نجحت.

وحرب تجفيف تمويل حزب الله أخطر من الحرب العسكرية ضده. إذا أنها يمكنها أن تفكك بنيته وهيكليته العسكرية والادارية إذا ما استطاعت منعه من دفع أجور مقاتليه ودفع مساعداته الاجتماعية والطبية والتربوية…

وقد خصصت الولايات المتحدة الأميركية فريقاً متكاملاً لقيادة هذه الحرب. وقد زار قسم من قيادته مؤخراً رئيسي الجمهورية والحكومة.

وتستهدف هذه الحرب:
1 – منع وصول المساعدات المالية “الكاش” من إيران عبر مطار بيروت.
2 – منع وصول استثمارات حزب الله غير المباشرة في عدد من مناطق العالم كالبلدان الأفريقية، أو الخليجية، أو الأوروبية، أو الاميركية.
3 – منع عمليات التهريب على انواعها، التي تعود للحزب وتسهم في تمويله.
4 – وقف وملاحقة ممولي الحزب في الخارج، وفرض عقوبات أميركية ضدهم.
5 – منع حزب الله من الاستفادة من التمويل من داخل الخزينة اللبنانية عبر المشاريع والمجالس أو عبر تعميمات مصرف لبنان أو أنظمة الصيرفة وغيرها.
6 – وقف مؤسسة “القرض الحسن”.
7 – وقف مؤسسات حزب الله المالية المقنعة في الداخل اللبناني.

6 – حرب السياسة الداخلية

وهي الحرب التي يشنها خصومه عليه، من داخل الحكومة التي يشارك بها، رداً على ما يعتبرونه منع سلاح حزب الله من قيام الدولة.

وأبرزها قرارات 5 و7 آب/أغسطس للحكومة اللبنانية التي جردته من “شرعية” سلاحه، و”اغتالت” ثلاثية “جيش، شعب ومقاومة”، مشددة على حصرية السلاح بالجيش اللبناني وحده.

ولم تصل تحركات خصوم حزب الله بعد الى التظاهر في الشارع ضده! ولكن هذا الاحتمال المؤجل قد يجد مبرراً له في المستقبل.

7 – حرب السياسة الخارجية

وهي حرب يقودها الأميركيون والفرنسيون والعرب. والكل يعتبر أنه حان الوقت لقيام الدولة في لبنان. مع إعطائهم ضمانات سياسية على قيام الدولة والحفاظ على أمنها وسيادتها. ضمانات لا يثق بها حزب الله.

يرفض حزب الله منطق المفاوضات مع اسرائيل التي اقترحها رئيس الجمهورية جوزيف عون، بمعزل عن إذا كانت مباشرة أو غير مباشرة. علماً ان اسرائيل لم ترد بعد على اقتراح الرئيس عون.

ولا شك أن الطموح الأميركي هو أخذ لبنان الى توقيع الاتفاقات الأبراهمية، التي ستوقعها قريباً اكبر الدول الإسلامية في العالم، مثل إندونيسيا وباكستان!

8 – الحرب العسكرية المدمرة… أو الكي

هل تكون الحرب المقبلة هي الحرب الأخيرة بين اسرائيل وحزب الله؟ وبالتالي بين اسرائيل وحزب الله؟

بالمقارنة مع غزة، يمكن الاعتقاد أن الحرب ستكون مدمرة بشكل كبير! وأنها قد تكون الضربة القاضية عسكرياً خاصة بالتوازي والتزامن مع تجفيف تمويل حزب الله.

كثيرون ينتظرون أن هذه الحرب لن تتأخر وأن شتاء لبنان سيكون حاراً جداً!

لا ضمانة لأمن حزب الله بعد تسليم السلاح! ولكن الشيء المضمون هو الحرب العسكرية في حال احتفاظ حزب الله بسلاحه! في ظل عدم التوازن بالقدرات العسكرية، كما يقر الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم!

إن رفض حزب الله للسياسات الحكومية ولتسليم السلاح وللاعتداءات الاسرائيلية تضعه أمام خيارين لا ثالث لهما؛ إما انتظار الحرب من اسرائيل وإما المبادرة لشنها على اسرائيل!

يحذر حزب الله انه لن ينتظر طويلاً. ولكن الظاهر أنه لن يأخذ مبادرة الحرب! باعتبار أنه يستفيد من هذا الوقت لإعادة تنظيم قواه في غياب الامداد اللوجستي من إيران عبر سوريا. والسؤل عند البعض هو “ما بيقدر أو ما بدو”؟

من جهة أخرى، يأخذ عليه جمهوره عدم إمكانية الحزب مواجهة الدرونات والمسيّرات التي تجتاح سماء لبنان، وعدم محاولة إسقاطها، وهي التي تسقط له يومياً عدداً من الشهداء!

أما قيادة الدولة اللبنانية، التي تريد تجنب الحرب الداخلية، فهي تقول في نفسها: إذا كان من الحرب بد على حزب الله، وإذا كانت الضغوط الاميركية تريدها، فلتشنها اسرائيل! وهذا هو منطق خصوم الحزب أيضاً!

تعددت الأسباب والحروب الثمانية واحدة! وآخر الحروب… الكي!

اخترنا لك