بقلم بسام سنو – خاص بوابة بيروت
@sinno_bassam

كاتب وناشط سياسي
اليوم، بينما تتّجه الأنظار كلّها نحو زيارة الحبر الأعظم إلى لبنان نهاية الأسبوع المقبل، وما يرافقها من استعدادات لوجستية وبروتوكولية وشعبية، وبينما ينشغل اللبنانيون بعطلة عيد الاستقلال وخطابات السياسيين وزياراتهم الاستعراضية إلى الجنوب… اختار العدوّ الإسرائيلي أن يضرب عرض الحائط كل هذه التحضيرات.
لم يأبه للزيارة البابوية، بل كان هدفه واضحاً: تأجيلها أو حتى إلغاؤها بذريعة أمنية.
الوضع خطير، والتهديدات الإسرائيلية تتصاعد بوتيرة غير مسبوقة، تُرفق بفيديوهات “سيناريوهات مدمِّرة” تُنشر بكثافة على منصات التواصل، ترسم صورة قاتمة لمرحلة قد تكون الأخطر في تاريخ لبنان الحديث.
أسلحة متطورة، طائرات تحمل آلاف الأطنان من المتفجرات، وقدرة على تدمير أحياء كاملة بضربة واحدة… إنها حرب الأعصاب قبل حرب الواقع.
اليوم، يبدو أن الإسرائيلي بدعم أميركي مباشر يريد إنهاء المنظومة التي حكمت لبنان بالسلاح والتهريب والمخدرات، ورفعت شعار “سلاح المقاومة” لتتحدى حياة المواطن ووجود الدولة.
والدولة اليوم أعجز من أن تردعه، والشعب يتفرّج… لا شماتة، بل خوفاً من الانتقام والدمار.
أما إيران، فقد باعت حليفها الفلسطيني، وها هي اليوم تبيع مشروعها التوسعي الذي أنفقت عليه أموال الشعب الإيراني ودماء شبابه.
صرف الإيراني آخر قرش من “عرق جبينه “، بعد أن سقط أهم حلفائه: النظام الأسدي المجرم.
إيران تدرك أن هذه الحرب لن تجلب لها أي مكسب، فاختارت أن تتخلى عن “ابنها البار” للبقاء حيّة.
في لغة الوجود : آخر ورقة توت.
وفي لغة الأرقام: الرقم الصعب على طاولة الرهان.
الإيراني اليوم متوتر، عاجز، يراقب الأمور تتدهور.
عرش ولاية الفقيه في طهران يتخلخل بين معارضة داخلية شرسة، وتهديدات أميركية ـ صهيونية، وتخلٍّ كامل من الأوروبيين والأتراك.
في المقابل، بات السعودي هو الوسيط الأقوى في اللعبة الدولية، والقادر على تغيير المعادلة، خصوصاً بعد زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لاميركا .
والشرط واضح: التخلي عن اليمن ولبنان.
وهذا لم يكن في حسابات الإيراني الذي كان يظن أنه سيقبض ثمن المشروعين، لكن شاءت الأقدار أن يكون الثمن هو الكرسي في طهران، وقد يمتد ليشمل التخلي عن المشروع النووي نفسه.
اليوم تُخاض حرب إنهاء الحزب، وهي بداية النهاية، وقد تستغرق أسابيع… بل وقد تُلغي زيارة البابا للبنان.
الموضوع لم يعد صراعاً على منظومة، بل تغيير واقع عربي كامل، وإعادة بناء الدولة اللبنانية الشريكة لجيرانها والمنخرطة في رؤية ٢٠٣٠ العربية بقيادة سعودية.
فهل سنرى الحلم قريباً؟
هل يدخل لبنان أخيراً مرحلة التعافي الحقيقي؟
أم أننا على أبواب جولة جديدة من الدمار قبل الولادة المنتظرة!!