
كاتب وخبير في الشؤون الدولية
لن يرد حزب الله على اسرائيل على عملية اغتيال أكبر قادته العسكريين هيثم علي الطبطبائي.
كما هو لم يرد على اغتيال معظم قادته. أو كان رده خجولاً جداً على اغتيال قائده العسكري الكبير فؤاد شكر مثلاً!
ولم يزلزل حزب الله اسرائيل رداً على اغتيال كبير قادته وأمينه العام التاريخي السيد حسن نصرالله!
وعدم الرد المزلزل هذا كان إشارة ضعف عسكرية كبيرة أرسلها حزب الله لبيئته ولجمهوره، قبل أن يوصلها الى الآخرين من خصومه!
فهل فقد حزب الله القدرة على مبادرة الرد؟ أو أنه لا يريد اتخاذ مبادرة إطلاق الحرب؟ باعتبار أن اسرائيل ستستعمل الرد ذريعة لإطلاق حربها؟ او ان تهديدات حزب الله الكلامية “فقط” تعطيه وقتاً أكبر لإعادة بناء قدراته وهيكليته؟
تؤكد عملية اغتيال قائد أركان حزب الله هيثم علي الطبطبائي من جديد أن اسرائيل تعرف كل شاردة وواردة عن كل أركان حزب الله العسكريين، وبالأولى المدنيين.
وتعرف اسرائيل بالتأكيد مكان تواجد الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم.
ولكن اسرائيل لن تستهدف الشيخ نعيم قاسم قبل ضمان نجاح أكيد لعمليتها.
تماماً، كما فعلت باغتيالها الأمين العام السابق السيد حسن نصرالله والسيد هاشم صفي الدين، وقبلهما من زمن بعيد السيد عباس الموسوي.
وتشير عملية اغتيال الطبطبائي، الى خطورة بالغة تستهدف حزب الله! وهي أن اختراق اسرائيل لحزب الله ما يزال كبيراً بعد أكثر من سنة على استهداف نصرالله وصفي الدين. وأن اسرائيل تعرف هيكلية حزب الله العسكرية الجديدة، أكثر من حزب الله نفسه، وبالتأكيد أكثر من اللبنانيين!
كما تشير الى أن حزب الله لم ينجح بعد في تفكيك شبكة العملاء على أعلى المستويات في داخل صفوفه.
فالاسرائيليون يعرفون من هم القادة “الجدد”. وهم يعرف أماكن سكنهم، ويعرفون أماكن اجتماعاتهم، ويعرفون توقيت اجتماعاتهم، وتوقيت تحركاتهم!
تماماً، كما عرفوا، وكما فعلوا من قبل عند استهدافهم للقائد إبراهيم عقيل ول 30 من قادة الرضوان، في إحدى أخطر العمليات التي نفذها الجيش الإسرائيلي ضد حزب الله في لبنان!
وهذه أمور لا يمكن لا للذكاء الإصطناعي ولا للتكنولوجيا الحديثة معرفتها من دون مواكبة من عملاء على الأرض يتغلغلون في صفوف حزب الله على كافة المستويات، من القيادة وحتى عناصر الأحياء العاديين!
بنك أهداف قادة حزب الله!
لا شك أن المخابرات الاسرائيلية قد جهزت بنك أهداف جديدة لقادة حزب الله العسكريين بعد العشرة أيام السوداء 17-27 أيلول/سبتمبر 2024. وهو بنك أهداف تفاعلي مع كل تغيير في قادة حزب الله العسكريين.
وفي بنك الاهداف العسكرية الاسرائيلية المقبلة هناك القيادات المعروف اسماؤها، والتي لا يعرفها اللبنانيون، ولا حتى يعرفها جمهور حزب الله، مثل محمد حيدر (أبو علي حيدر)، خليل حرب، طلال حمية، خضر نادر… وغيرهم!
ولا تضع اسرائيل في بنك أهدافها، كما يمكن القراءة من أسلوبها في الاغتيالات، قادة حزب الله السياسيين والمدنيين، كنواب ووزارء الحزب. إذ تمّ استهداف على سبيل المثال أبناء نواب الحزب محمد رعد وعلي عمار وغيرهم بسبب مسؤولياتهم العسكرية، ولم يتمّ استهداف آباءهم بسبب مسؤولياتهم السياسية.
وقد تكون عملية استهداف المسؤول الإعلامي محمد عفيف هي الاستثناء على آلية استهداف الاسرائيلية!
عملية “اصطياد” يومية!
في المقابل، تستمر اسرائيل بعملية “اصطياد” يومية لمقاتلي وكوادر حزب الله العسكريين. ويسقط معهم في بعض الأحيان مدنيين. إذ تستهدف الدرونات هؤلاء في سياراتهم وعلى دراجاتهم النارية.
والغريب، وإن كان لم يعد ذلك مستغرباً جداً، أنها تعرف بأدوار ومراكز وتاريخ، وبمكان وزمان تحركات كل واحد منهم!
وقد بلغ عديد شهداء حزب الله بعد عملية وقف إطلاق النار حوالى 400 شهيداً. وهذه العمليات بالتأكيد لن تتوقف عما قريب!
من نصرالله الى قاسم!
من القاعدة العسكرية الى القادة، ومن القادة العسكريين الى القاعدة، الاغتيالات مستمرة!
إن اغتيال اسرائيل لقادة حزب الله، وفي طليعتهم اغتيال الأمين العام للحزب، أي أمين عام للحزب، أصبح هدفاً أكيداً منذ اتخاذ القرار باغتيال السيد حسن نصرالله.
وكان رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتانياهو قد طلب من مقاتلات سلاح الجو الاسرائيلي بالعودة الى قواعدها بناءاً لطلب الرئيس الأميركي باراك أوباما، الذي عارض آنذاك عملية الاغتيال المقررة، بعد أن كان أعلم بها نتانياهو براك. وذلك، كما أعلن مقربون من نصرالله.
ولكن نتانياهو لم يُبلغ الجانب الأميركي بالعملية العسكرية العام الماضي. فهو اتخذ ونفذ قرار اغتيال السيد حسن نصرالله من دون العودة للرئيس الأميركي الحالي دونالد ترامب.
لذلك، يمكن الاعتقاد أن الشيخ نعيم قاسم سيكون بدوره هدفاً اسرائيلياً أكيداً!
اسرائيل لن تتوقف!
تستكمل اسرائيل اعتداءاتها على لبنان في آلاف الخروقات لوقف إطلاق النار. ولا أحد يستطيع منعها، لا القرار الأممي 1701، ولا الاتفاقات الدولية، ولا اتفاق وقف إطلاق النار!
فالشرق الأوسط الجديد يعيش في زمن “الأمن الإسرائيلي”! وإسرائيل ستستكمل عملياتها وتحضيراتها وتجهيزاتها بانتظار إطلاقها للحرب الشاملة على حزب الله.
وسيكون هدف اسرائيل في هذه الحرب المقبلة كسر حزب الله نهائياً، كونه يرفض تسليم كل سلاحه، شمال الليطاني، بعد انسحابه من جنوب الليطاني! مع جر لبنان بعدها الى اتفاقات أبراهام.
يعتقد الكثيرون أن هذه الحرب قد تنطلق بعد نهاية زيارة البابا لاوون الرابع عشر الى لبنان. ولكن توقيت هذه الحرب يرتبط بالأجندا الاسرائيلية وليس بالأجندا اللبنانية. إلا أن الأكيد أن الحرب واقعة، ولا مفر منها!
لا تهدأ المسيّرات فوق الضاحية الجنوبية وفوق مناطق الجنوب والبقاع لا ليلاً ولا نهاراً! وهي لا توفر لا بيروت ولا المطار، ولم توفر حتى القصر الجمهوري… في جمع للداتا والصور، تحضيراً لساعة الصفر!
شتاء حار جداً، ومنخفض جوي ناري، مع حركة رياح عسكرية ناشطة قد تصل الأجواء اللبنانية عما قريب!