#سيف_الإسلام #القذافي… هل يعود إلى حكم #ليبيا؟

بقلم محمد عبدالله
@mohamad63072743

أربعون عاماً حكم العقيد معمر القذافي ليبيا، منذ انقلابه الذي سماه “ثورة الفاتح من سبتمبر” عام 1969، وهو شاب لم يبلغ الثلاثين من العمر، حتى سقوط نظامه عام 2011. وخلال تلك العقود، اعتمد القذافي “الكتاب الأخضر” مرجعية سياسية ودستورية، رافعاً شعارات مثل “السلطة والمال والثروة بيد الشعب” و”شركاء لا أجراء”، وهي عناوين ظل الليبيون يعيشون في ظلها طوال سنوات حكمه.

لكن سقوط النظام فتح الباب أمام تحولات عميقة في المشهد الليبي، إذ دخلت البلاد دوامة من الفوضى والانقسام لم تهدأ حتى اليوم.

من حكم القذافي إلى سقوط النظام

تميّز عهد القذافي باستقرار أمني نسبي يقابله حكم مركزي صارم ألغى الأحزاب، وركز السلطة في شخصه وفي نظام “اللجان الشعبية”.

مع ان القذافي كان يقول انه ليس رئيساً ولا مسؤولاً عن الحكم، بل كان يحمّل هذه “اللجان” كل السلطة، ويعتبر نفسه بمثابة المرجعية الثورية ومحرض الشعب على اخذ حقوقه بيده.

ومع اندلاع حوادث شباط\فبراير 2011، ثم تدخل حلف “الناتو”، انهار النظام سريعاً وانتهى الأمر بمقتل القذافي في سرت.

وقد ظلت “الضربة القاضية” التي أنهت حكمه موضع جدل واسع، إذ تشير تقارير إلى أن حماسة الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي للتخلص من القذافي لم تكن سياسية فحسب، بل حملت خلفيات شخصية مرتبطة بقضية تمويل الحملة الرئاسية الفرنسية. وقد حُكم على ساركوزي في فرنسا بعد أكثر من 15 عاماً.

يضاف إلى ذلك ما ترويه مصادر غربية عن زيارة سيسيليا، زوجة ساركوزي السابقة إلى طرابلس لإطلاق الممرضات البلغاريات عام 2007، وهو الإنجاز الذي نُسب إليها بدلاً من زوجها، ما أدى إلى توتر شديد بين القذافي والرئيس الفرنسي، واعتُبر لاحقاً أحد دوافع الانتقام السياسي والعسكري.

مشهد ما بعد 2011: انقسام وفوضى

منذ سقوط النظام، تشابكت القوى والمصالح في ليبيا بشكل معقّد: اللواء خليفة حفتر يسيطر على بنغازي والمنطقة الشرقية، عبد الحميد الدبيبة يقود حكومة طرابلس في الغرب. سلطتان متوازيتان تتنازعان الشرعية والموارد.

هذا الانقسام أدى إلى فشل متكرر في تنظيم الانتخابات، وإلى استمرار التدخلات الخارجية، بينما تبقى القبائل لاعباً حاسماً في أي تسوية.

النفط… الثروة والرهان

رغم الفوضى السياسية، تبقى ليبيا من أغنى دول أفريقيا بالنفط. ويُقدّر الإنتاج الحالي بحوالي 1.4 مليون برميل يومياً، وفق وزير النفط الليبي ووكالة “رويترز”.

أبرز الحقول والمناطق النفطية:

-حقل الشرارة في صحراء مرزق، الأكبر في ليبيا، وقد سجل 310,970 برميلاً يومياً، بحسب شركة “أكاكوس”.

-حوض سرت الذي يضم الهلال النفطي وموانئ: السدرة، راس لانوف، البريقة.

-حقل زلطن جنوب البريقة، وحقول الواحات، إلى جانب حقل الجرف البحري في المتوسط.

ورغم هذه الثروة، فإن الإغلاقات المتكررة للحقول بسبب النزاعات والابتزاز السياسي كلفت ليبيا مليارات الدولارات. والاهم من كل ذلك ان الشعب الليبي بمعظمه يعيش ضائقة اقتصادية، وينتظر على أبواب المصارف ريثما تتنامى السيولة النقدية في دولة يفترض ان تضاهي دبي او غيرها من الدول النفطية في معيشة شعبها ورفاهه.

سيف الإسلام… الوريث المثير للجدل

وُلد سيف الإسلام القذافي في 25 حزيران\يونيو 1972، وبرز في العقد الأخير من حكم والده كوجه إصلاحي تحدث عن الانفتاح الاقتصادي والمصالحة الوطنية. وكانت أولى إطلالاته الكبرى عام 2007 في مؤتمر شبابي ببنغازي، أعلن في خلاله إطلاق مشروع سياحي ضخم.

أسس مجموعة إعلامية مستقلة هي “مجموعة الغد”، بما فيها قناة “الليبية” التي مثلت أول تجربة إعلامية خارج سيطرة الدولة. لكنه واجه مقاومة من داخل النظام نفسه، وأطلق حينها مصطلح “القطط السمان” على رجال الأعمال والمسؤولين الذين جمعوا ثرواتهم عبر قروض مصرفية وتسهيلات فاسدة.
والمصطلح مستعار من الإنكليزية “fat cats”، ويُستخدم للإشارة إلى الفساد المالي وليست له علاقة بأي حيوان فعلي.

العوامل التي تعزز فرص سيف الإسلام

1. قانونية الترشح: لا يوجد ما يمنعه من الترشح ما دام لا يواجه حكماً قضائياً نهائياً داخل ليبيا، وفق رئيس البرلمان عقيلة صالح.
2. الحنين إلى الماضي: فئة من الليبيين ترى في حقبة حكم القذافي استقراراً نسبياً مقارنة بالفوضى الحالية.
3. الدعم القبلي: لاتزال قبائل نافذة، أبرزها القذاذفة، تنظر إليه رمزاً للشرعية التاريخية.
4. ضعف البدائل الحالية: الانقسام بين الشرق والغرب يخلق فراغاً سياسياً قد يفتح باباً لعودة شخصية قديمة جديدة.

أما التحديات التي تواجهه فأبرزها: غياب التوافق الوطني، الملفات القضائية الدولية، ورفض قوى ثورية ومجموعات مسلحة عودته.

هشاشة الوضع الأمني تعطل الانتخابات

من المعروف ان سيف الإسلام يحظى برعاية قبلية كبيرة وقبول شعبي نظراً الى الطروحات والمشاريع التي كان يسعى الى تنفيذها حتى في ظل حكم والده. وتقول أوساط متابعة للشأن الليبي ان التأخير والعرقلة الليبية والدولية في اجراء الانتخابات هدفه منع وصول سيف الإسلام الى سدة الحكم في ليبيا، مع الإشارة الى ان أنصاره حققوا فوزاً كبيراً ساحقاً في انتخابات البلديات والمحافظات .

بين من يحنّ إلى الماضي ومن يريد القطع معه، يبقى اسم سيف الإسلام القذافي حاضراً في النقاش الليبي، ليس بصفته ابن العقيد فحسب، بل باعتباره رمزاً محورياً في معادلة سياسية لم تستقر بعد. ومع استمرار الانسداد السياسي، قد تجد ليبيا نفسها أمام خيارين صعبين: إعادة تدوير الماضي… أو البحث عن مستقبل لم تتضح ملامحه بعد.

اخترنا لك
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com