خاص بوابة بيروت

رئيس التحرير
ارتفع عدد المسجّلين من أبناء الطائفة الشيعية في الخارج من 19% إلى 27% خلال فترة قصيرة، ما شكّل صدمة سياسية واضحة للثنائي الشيعي، الذي بدأ يروّج لرواية “عجز المنتشرين الشيعة” عن المشاركة في الانتخابات النيابية المقبلة عام 2026.
ذريعة بالية لم تنطلي على أحد، خصوصاً بعد التقدّم الواسع في التسجيل، والذي كشف أنّ أصوات الشيعة في الخارج ليست تحت الوصاية، ولا خاضعة لسياسة التخويف والترهيب التي يفرضها الثنائي في الداخل منذ سنوات.
يتصرّف الثنائي وكأنّ المغتربين الشيعة يعيشون تحت رحمة “الترهيب” بينما هم في واقع الأمر يعيشون في بلدان الحرية والقانون. أجواء الخارج كفيلة بتحرير الصوت الذي حاول الثنائي مصادرته، وارتفاع نسبة المسجّلين هذه المرّة هو الدليل الأكبر على أنّ الصوت الحرّ حين يخرج من القيد الأمني والمجتمعي يتحوّل إلى قوة انتخابية لا يمكن تجاهلها.
يزعم الثنائي أنّ “إمكانات المنتشرين الشيعة الأمنية” لا تسمح لهم بالاقتراع، بينما الحقيقة أنّ هذا الادعاء ليس سوى محاولة مكشوفة لمنع غير المقيمين من الشيعة من التصويت، لا لخدمتهم بل لأنّ الثنائي يخشى التغيير الذي قد تحمله صناديق الاغتراب. التركيز لم يعد على امتلاك الأكثرية داخل الطوائف، بل على منع الأصوات التي خرجت من دائرة الترهيب من التعبير عن رأيها.
يتحدّثون عن “خطر” يمنع البعض من الانتخاب، بينما يعرف الجميع أنّ الاقتراع في الخارج يتمّ خلف عازل وبسرية تامة، ولا أحد يملك القدرة على معرفة من صوّت لمن. الخوف الحقيقي ليس من عدم القدرة على الاقتراع، بل من القدرة الكاملة على الاقتراع بحرية.
وهذا ما يرعب الثنائي لأنّ نتائج المنتشرين سابقاً أظهرت أنّ ثقل الشيعة في الخارج يميل نحو التغيير، لا إلى إعادة إنتاج السلطة التي أوصلت لبنان إلى الانهيار.
الخطاب المتناقض للثنائي لم يعد مقنعاً. من جهة يزعمان أنّ “الشيعة لا يستطيعون الاقتراع”، ومن جهة أخرى يدافعان بشراسة عن القانون الحالي الذي يحمي مقاعدهم! المفارقة تكشف حقيقة النفاق السياسي، لأنّ المطلوب ليس حماية حقّ المنتشرين، بل حماية نفوذ الثنائي ومنع أي تصويت حرّ قد يفجر تركيبة القوة التي اعتاد السطو بها على المؤسسات والدولة.
تجربة انتخابات 2022 أثبتت أنّ أصوات الاغتراب هي التي كسرت الجمود وأدخلت قوى جديدة إلى المجلس. ارتفاع نسبة التسجيل هذا العام يضاعف القلق لدى الثنائي، لأنّ الشيعة المنتشرين اليوم يمثّلون شريحة واسعة من المتعلمين والمهنيين وأصحاب القرار الحر، ممن يرفضون منطق الحرب، والمربّعات الأمنية، وتخزين السلاح بين المدنيين، والهيمنة على القرار الوطني.
التغيير قادم من الخارج قبل الداخل، وصوت المغترب لم يعد يمكن مصادرته ولا تخويفه ولا إسكات ضميره. هذه الحقيقة هي ما يدفع الثنائي إلى حملات التضليل التي يدّعي فيها أنّ المنتشرين الشيعة “غير قادرين” على الاقتراع، بينما الحقيقة أنّهم قادرون جداً، ومصمّمون جداً، ومستعدّون أكثر من أي وقت مضى لاستعادة لبنان من مشروع الهيمنة الإيرانية.
الرسالة واضحة، الصوت الحرّ أقوى من كل ماكينة ترهيب. وكل من يحاول إغلاق صناديق الاغتراب يفعل ذلك لأنه يعرف أنّ التغيير بدأ، ولن يتوقف.