رسالة إلى فخامة #رئيس_الجمهورية

بقلم سعيد مالك

اغتبط اللبنانيون حين أنصتوا إلى خطاب القسم، والذي ألقاه فخامة رئيس الدولة فور انتخابه رئيسًا للجمهورية. وما أثلج صدورهم حين تناول حق المغتربين في التصويت في الانتخابات النيابية المُقبلة. إذ أورد في خطابه حرفيًّا: “… عهدي أن يفتخر كل مغترب بلبناننا، كما يفتخر لبنان بمغتربيه، فحقهم في التصويت هو حق مقدّس، يحوّل غربتهم إلى انتماء جديد لكل قرية ومدينة من لبنان…”.

نعم فخامة الرئيس، حق المغتربين في التصويت حق مقدّس.

لكن هذا الحق فخامة الرئيس، بات مُهدّدًا. إذ إن هناك أياديَ خفيّة تسعى إلى نسفه برُمّته واستطرادًا تقويضه وحصره بستة مقاعد.

نعم فخامة الرئيس، هناك مَن يعمل على مصادرة هذا الاستحقاق، وحجزه في زنزانة لجنة فرعيّة، هدفها منع أي تعديل من ولوج بوّابة الهيئة العامة.

فمن الثابت، أن مهمّة إجراء الانتخابات العامة في أيّار المُقبل، مُناطة حصرًا بالحكومة، كونها السلطة التنفيذية، المولجة مهمّة إنجاز الاستحقاق وإتمامه.

ومن الثابت أيضًا، أن الحكومة قد أجمعت على استحالة إتمام هذا الاستحقاق في ظلّ القانون الحالي، القانون 44/2017. وأرسلت مشروع قانون مُعجّل إلى مجلس النواب لتعديل بعض مواد هذا القانون، وتعليق البعض الآخر.

ومن الثابت كذلك، أن عدم طرح هذا المشروع القانون المُعجّل على الهيئة العامة لمُناقشته وإقراره، سيَنسُف الانتخابات برُمّتها، كونه لا يُمكِن للحكومة أن تُجري الانتخابات بطريقةٍ مُجتزأة، أي في الداخل واستثناء الخارج، مما يُعرّض الانتخابات برمّتها للخطر المُحدِق.

علمًا، أن إحالة هذا المشروع القانون المُعجّل إلى أي لجنة، سيستهلك المهل، وسيجعل إتمام الاستحقاق بمواعيده مُتعذرًا إن لم نقُل مُستحيلًا.

مع التأكيد، أنه لا يجوز لأي سُلطة دستورية أن تُعطّل عمل سُلطة دستورية أُخرى. وهذا ما استقرّ عليه الاجتهاد الدستوري. (القرار رقم 1/2005 تاريخ 6/8/2005).

حتى أن الاجتهاد الدستوري ذهب أبعد مِن ذلك، بأن فَرَضَ التعاون بين السلطات، وتسهيل كلّ سلطة عمل السُلطة الأُخرى، وعدم عرقلة عملها (القرار رقم 12/2025 تاريخ 13/6/2025).

وبالتالي، واستنادًا لما تقدّم، لا يجوز للمجلس النيابي أن يُعطّل عمل الحكومة في إنجاز الاستحقاق الانتخابي، بل يُفترض به التعاون معها وتسهيل عملها وعدم عرقلتها، في مُصادرة مشروع القانون المُعجّل الذي أحالته أصولًا للإقرار.

فخامة الرئيس، بناءً على قاعدة أن الملك ليس بكُرسيّ فارغ le trône n’est pas un fauteuil vide وهي العبارة التي أطلقها الملك الفرنسي “لويس فيليب”.

وسندًا لأحكام الفقرة 10 من نصّ المادة 53 من الدستور اللبناني.

وعملًا بمبدأ المساواة المُصان دستورًا.

وانسجامًا مع خطاب القَسَم.

وإنقاذًا للانتخابات، والتي إن لم تجرِ ستضرب العهد، وأيضًا مصداقيّتنا تجاه المجتمع الدولي.

أقترح على جانبكم الموقر، توجيه رسالة إلى مجلس النواب، والتمني عليه والطلب منه تعديل قانون الانتخاب، وإلغاء المادة 112 منه وسواها من المواد، أم تعليقها، لتمكين المغترب من ممارسة حقه في الاقتراع والمشاركة، أُسوةً بباقي اللبنانيين. تماشيًا مع خطاب القَسَم، وتحقيقًا لمبدأ المساواة بين المواطنين.

علمًا، أنه وبمُجرّد توجيه الرسالة، فعلى رئيس المجلس أن يُبادر إلى دعوة الهيئة العامة للانعقاد خلال ثلاثة أيّام، لمُناقشتها ولاتخاذ الموقف منها أو الإجراء أو القرار المُناسب، سندًا للمادة 145 من النظام الداخلي.

فخامة الرئيس، مسؤوليّتك كبيرة، وحق المغتربين في عهدتك، مِن غير الجائز أن تُبقي هذا الاستحقاق مُصادرًا ومُحتجزًا في أقبية لجنةٍ فرعيّةٍ تعبث في المهل وتدور على نفسها.

فخامة الرئيس، لا تسمح بأن يدفع المغترب ثمن كِباش سياسي “لا ناقة له فيه ولا جَمَل”. فالمنتشر يعتبرك سنده وضمانته، فلا تُخيّبه.

فالحّق لا يموت، والتاريخ سيُسجِّل.

اخترنا لك
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com