خاص بوابة بيروت

كاتب وناشط سياسي
من يتابع المسار الاقتصادي للوزير محمد شقير يلحظ أنّ الرجل لم يصل إلى موقعه من فراغ. فقد ورث شقير إرثاً اقتصادياً ضخماً أسسه الراحل الأستاذ نزار شقير في عالم الصناعات الغذائية والشوكولا داخل لبنان وخارجه، قبل أن يتولى محمد شقير إدارة هذا الإرث ويعمل على توسيعه وتطويره، مستنداً إلى خبرة ميدانية وعمل دؤوب جعلاه من بين أبرز رجال الأعمال في بيروت.
ومع مرور الوقت، أصبح لشقير حضور فاعل داخل مجتمع رجال الأعمال، فدخل إلى غرفة التجارة والصناعة والزراعة في بيروت وجبل لبنان من أبوابها الواسعة، قبل أن يخلف الرئيس الفخري للهيئات الاقتصادية الأستاذ عدنان القصار، الذي قاد الغرفة لسنوات طويلة وحقق خلالها نجاحات كبيرة. وقد اعتُبر وصول شقير إلى هذا الموقع حصيلة طبيعية لمسار صاعد مليء بالعمل والعلاقات والجهد.
لاحقاً، ومع تمدد دوره داخل الهيئات الاقتصادية، برز اسمه في الساحة السياسية، ليقرر الرئيس سعد الحريري اختياره وزيراً للاتصالات في حكومته الأخيرة. هذا التعيين جاء نتيجة الثقة بقدرته الإدارية وبحضوره داخل القطاع الخاص، إضافة إلى العلاقة القريبة التي جمعته بالحريري، خصوصاً في مرحلة اتسمت بتحديات اقتصادية معقدة.
إلا أنّ توليه وزارة الاتصالات فتح الباب أمام ملفّات حساسة، بعضها لا يزال حتى اليوم محور جدل سياسي وإعلامي، خاصة ما يتصل بإدارة بعض العقود والملفات الإدارية. ومع تطور الأمور ووصول بعض الشكاوى إلى القضاء، أصبح اسم شقير في صلب دائرة النقاش وضمن إطار التحقيقات التي تسير وفق إجراءات قانونية لا تزال في بدايتها.
وبحسب متابعين، فإن جزءاً من هذه الحملة مرتبط أيضاً بخلافات سياسية قديمة وحديثة، خاصة في ما يتعلق بمحاولات التأثير على الانتخابات البلدية والنيابية، أو دعمه لأسماء معيّنة كالنائبة رلى الطبش، إضافة إلى دوره في تأسيس أو دعم مجموعات سياسية واجتماعية خلال السنوات الماضية. هذه العوامل مجتمعة ساهمت في وضعه تحت ضغط غير مسبوق، سياسياً وإعلامياً.
ومع فتح ملفات قضائية مرتبطة بوزارة الاتصالات، وبغضّ النظر عن الخلفيات التي أدت إلى ذلك، بدأ يبرز تساؤل واسع داخل الأوساط الاقتصادية: هل ما زال شقير مؤهلاً للبقاء في رئاسة غرفة التجارة؟ أم أنّ المرحلة تتطلب وجهاً جديداً لقيادة هذا الصرح الاقتصادي؟
يرى بعض المنتقدين أنّ وجود رئيس للغرفة في دائرة تحقيقات قضائية يضع الغرفة نفسها في موقع حساس، ويستدعي خطوة استقالة حفاظاً على هيبة المؤسسة. في المقابل، يشدد آخرون على أنّ القضاء لم يصدر حكماً، وأنّ من حق أي شخص الدفاع عن نفسه حتى النهاية قبل اتخاذ قرارات كبرى.
ومع ذلك، تبقى مرحلة “ما بعد فتح الملفات” مختلفة تماماً عمّا قبلها. فحتى لو لم تثبت أي من التهم أو الشبهات، فإنّ الضغط السياسي والإعلامي قد يفرض وقائع جديدة داخل غرفة التجارة، ويفتح الباب أمام مرحلة انتقالية قد تفضي إلى تغيير في القيادة.
فهل يتجه محمد شقير إلى الاستقالة من رئاسة الغرفة؟
وهل نشهد خلال الأشهر القادمة وجهاً بيروتياً جديداً يرمز إلى الشفافية ويعيد الثقة بهذه المؤسسة الاقتصادية العريقة؟