ازدواجية خطاب “#حزب_الله” : رفضٌ في العلن… موافقةٌ في الكواليس

سيمون كرم والاختبار الجديد

#سيمون_كرم والاختبار الجديد

بقلم بلال مهدي – خاص بوابة بيروت
@BilalMahdiii

سجّل المشهد السياسي في الساعات الماضية حالة إرباك واضحة داخل البيئة الداعمة لـ”حزب الله”، بعدما شنّت “قناة المنار” ومعها شخصيات محسوبة على الحزب حملة على خطوة تكليف السفير سيمون كرم رئيسًا مدنيًا للوفد اللبناني إلى اجتماعات لجنة “الميكانيزم” في الناقورة. الهجوم بدا مقصودًا، لكنه كشف في الوقت نفسه عن مأزق أعمق بكثير مما حاول أصحاب الحملة إظهاره.

الخطوة التي يُهاجمونها اليوم لم تُفرض على الحزب، ولم تمرّ من خلف ظهره، بل جاءت ضمن سياق سياسي يعرفه جيدًا ويشارك به عبر أقرب حلفائه. الرئيس نبيه بري، رأس محور الثنائي السياسي، كان شريكًا مباشرًا في هذا المسار، ما يجعل الهجوم الإعلامي أشبه بانتقاد قرار صدَر أساسًا من داخل البيت نفسه.

ازدواجية كهذه لم تعد مجرّد مناورة تقليدية، بل مؤشر إلى حالة انهيار داخل بنية الحزب، الذي يريد أن يبقى في صورة “الجهة التي لا تتنازل”، لكنه في الواقع يدرك أنّ الظروف الداخلية والإقليمية تفرض خطوات لا يمكنه أن يتحمّل وحده تبعات مواجهة اللبنانيين بها. هنا يأتي دور الحليف. يمرّر الحزب ما يريده عبر الآخرين، ثم يحاول أن يغسل يديه أمام جمهوره عبر الإعلام.

أسلوب كهذا كان يجد من يصدّقه في الماضي. اليوم الصورة مختلفة تمامًا. جمهور واسع، وخصوصًا من أبناء الطائفة الشيعية، صار يقرأ المشهد بتمعّن أكبر، ويفهم أنّ ما يحصل ليس موقفًا مبدئيًا، ولا دفاعًا عن “ثوابت”، بل محاولة للهروب من الاعتراف بأنّ منطق الدولة بات الطريق الوحيد لتجنيب لبنان كارثة جديدة.

الجنوبيون تحديدًا، الذين يدفعون الثمن الأول “بالدم” لأي توتر، يدركون أنّ السير في آليات تفاوضية منظّمة ضرورة لا رفاهية، وأنّ إدارة ملف الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة لا يمكن أن تبقى رهينة المزايدات الإعلامية أو القرارات الإيرانية. وهم يعرفون أيضًا أنّ الحزب، مهما رفع سقف الخطاب، وافق ضمناً على هذا المسار لأنه لم يعد قادرًا على حمل أعباء المواجهة وحده.

الشكوى من “تنازلات” يفترض أنها تُفرَض على لبنان فقدت صدقيتها. الحقيقة باتت مكشوفة، الحزب يقبل المسار عندما يضطر إليه، ثم يهاجمه ليحافظ على صورة القوة أمام قاعدته. غير أنّ هذه اللعبة أصبحت مستهلكة، وفقدت قدرتها على صناعة الوهم. هناك واقع جديد يفرض نفسه، الدولة وحدها بما تمثّله من مؤسسات قادرة على حماية لبنان… والميليشيا مهما حاولت لا تستطيع أن تحكم بمنطقين في الوقت نفسه.

ولو كان الحزب صادقًا في ما يعلنه، لكان “أقلّ الإيمان” أن يقدّم وزراؤه استقالاتهم من مجلس الوزراء بدل الاكتفاء بالشعارات والاتهامات الكاذبة التي لا تُقدّم ولا تُؤخّر.

اخترنا لك
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com