#نصرالله : حتى انت يا #بشار؟

في منتهى الجدّ

بقلم أحمد عياش

أحدث بث قناة “العربية/الحدث” أمس مقاطع فيديو ظهر فيها الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد ومستشارته لونا الشبل، تنتقد فيها “حزب الله”، غضبًا في أوساط مناصري “الحزب” في لبنان. وحرّكت هذه المقاطع أوجاعًا ظهرت جلية بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة العام الماضي، ما أدى الى ظهور انتقادات في أوساط الحزب وانصاره لسلوك النظام السوري حتى قبل أن يسقط الأسد في مثل هذا الشهر من العام الماضي، وتحديدًا في 8 كانون الأول 2024.

وكانت مستشارة الأسد السابقة لونا الشبل ترافقه في الجولة، إضافة إلى شخص ثالث يسجل الفيديو في آذار 2018. وحين صادف الأسد مسلحين مجهولين، قال إنهم من لبنان، في إشارة إلى مسلحي”حزب الله”، لتفتح لونا الشبل حديثاً عن الحزب. وقالت في الفيديو: “الجيش السوري تعلّم وصارت عنده خبرات يدرّسها لغير جيوش”، مضيفة: “حزب الله” في النهاية لَبَدْ (أي تراجع عن ادعاءاته). لم نسمع صوته”.

يستعيد أحد مناصري “حزب الله” الكلمة التي القاها الأمين العام السابق للحزب السيد حسن نصرالله خلال الحفل التأبيني للقائد في الحزب الحاج حسان اللقيس في 20-12-2013 حيث اغتالته إسرائيل في ذلك الوقت في الضاحية الجنوبية لبيروت .

اختار نصرالله تلك المناسبة في نهاية ذلك العام ليقول كل شيء تقريبًا عن تدخل “حزب الله” في الحرب السورية.

من أبرز ما قاله نصرالله في تلك الكلمة:

“- أنّ ما يجري في سوريا يشكل تهديداً للشعب السوري ولأغلبية الشعب في سوريا ـ وهذا الذي يقول لك: تقتلون الشعب وتحاربونه، (أقول له) من الذي يقتل الشعب ومن الذي يحاربه؟ ـ ويشكل تهديدًا لكل لبنان ولكل المنطقة وللقضية الفلسطينية، ويشكل تهديدًا للسنّة كما يشكل تهديدًا لكل الطوائف والأقليات والمذاهب الدينية.

– موضوع سوريا في نظرنا هو معركة وجود، وليس معركة امتيازات مثل ما يقولون: ليس شرط كمال، هو شرط وجود، وهو ليس معركة وجود لنا ووجود لـ”حزب الله”، بل هو معركة وجود للبنان ولسوريا ولفلسطين وللقضية الفلسطينية ولكل مشروع المقاومة في المنطقة.

– يقول لك، فلينسحب “حزب الله” من سوريا وليشكّل الحكومة التي يريد، أنتم مشتبهون، الموضوع في سوريا بالنسبة لنا ليس موضوع سلطة في لبنان، ولا موضوع حكومة في لبنان، ولا موضوع امتيازات، الموضوع أكبر من ذلك وأعمق.

– مسألة وجودنا في سوريا، سياقها الاستراتيجي الكبير، ليست قضية خصومات داخلية، يعني أنا أقاتل في سوريا لأجل أن لا تتغلبوا عليّ في لبنان، كلا. أنا أقاتل في سوريا لأنه يوجد مصير سوريا ولبنان وفلسطين وكل المنطقة، يوجد مصير مقدسات هذه الأمة.

– نحن جاهزون لمناقشة هذا المنطق، ولم نقل كلا، عندما قيل على طاولة الحوار إن هذا الموضوع من موضوعات النقاش بمبادرة دولة الرئيس نبيه بري قبلنا، لأننا جاهزون لنناقش، تعالوا لنقيّم ما الذي يحصل في سوريا، وما هو الملف الصحيح” .

هكذا، رفع نصرالله في نهاية العام 2013 تدخل حزبه في سوريا الى مرتبة “مصير مقدسات هذه الامة”. لكن النظام الذي سارع “حزب الله” الى نجدته كان يهزأ به بعد نحو 5 أعوام.

وفي المقابل، ومن وثائق تلك المرحلة ، تقرير صادر في أيلول 2013 عن لجنة التحقيق الدولية في أحداث القصير بسوريا، حيث أفاد بأن قوات “حزب الله” قامت بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في سوريا.

وتحدث التقرير عن استخدام الحزب صواريخ محمولة شديدة التفجير تؤدي إلى خسائر بشرية كبيرة وتحدث دمارًا هائلاً في المباني.

كما اتهم التقرير عناصر “حزب الله” بالسيطرة على محطات مياه الشرب، وقطعها ما أدى إلى زيادة تدهور الوضع الصحي لسكان القصير وجعلها عرضة للأمراض.

وجاء التقرير على ذكر استحالة معالجة المصابين، بسبب القصف المتواصل ورفض قوات النظام السماح لسيارات الإسعاف بالدخول.

وقالت اللجنة إن معارك القصير بدأت بعد أن شنت القوات الحكومية ومقاتلو “حزب الله” هجومًا واسعًا في المنطقة بين 4 نيسان و8 حزيران من ذلك العام ، لدفع مقاتلي المعارضة إلى الانسحاب.

وخلفت هذه المعارك ما لا يقل عن 500 قتيل في صفوف المعارضة، وجرح نحو 1000 آخرين.

كما أكّدت مجلة “ذي إيكونوميست” البريطانية في ذلك الوقت على أنّ عدد قتلى “حزب الله” قد تجاوز 1000 قتيل في سوريا وهو عددٌ أكبر بكثير من خسائر الحزب في حرب تموز 2006.

يلفت الانتباه في خطاب نصرالله حول إعلانه التدخل في سوريا، انه يكاد يكون مشابهًا لكلمة الأمين العام الحالي للحزب الشيخ نعيم قاسم في إطلالته الأخيرة الجمعة. وتحدث قاسم عن سلاح “حزب الله” ووجوب بقائه، مثلما تحدث نصرالله سابقا عن تدخل الحزب في حرب سوريا عام 2013 . ومن نماذج كلمة قاسم:

“- الاعتداءات الدائمة ليست من أجل السلاح الذي بيد “حزب الله” أو المقاومة، بل من أجل التأسيس لاحتلال لبنان بشكل تدريجي، ورسم إسرائيل الكبرى من بوابة لبنان.

– لا علاقة لأميركا ولا لإسرائيل بكيفية تنظيم شؤوننا الداخلية. ليس شأنهم أن يقولوا: أنتم الدولة اللبنانية قالت حصرية السلاح، ونحن نشرف عليكم لنرى كيف عملتم حصرية السلاح.

– لا علاقة لإسرائيل وأميركا بالسلاح، ولا بترميم القدرة، ولا بالاستراتيجية الدفاعية، ولا علاقة لهم بخلافات اللبنانيين واتفاقاتهم وآرائهم. ليجلسوا جانبا، نحن نتفاهم مع بعضنا.

– فليكن واضحًا أننا سندافع عن أنفسنا وأهلنا وبلدنا، ومستعدون للتضحية إلى أقصى حد ولن نستسلم، وسيكون بأسنا أشد وأشد، ولن نستسلم”.

كانت كلفة تدخل “حزب الله” في سوريا هائلة ، لكن نصرالله لم يعش ليسمع ما صدر بالأمس عن الأسد الذي كان يبتسم وهو يستمع الى التجريح بحق الحزب.

كما كانت كلفة تدخل “حزب الله” في حرب غزة من خلال “حرب الإسناد” مهولة وأدت الى رحيل نصرالله وآلاف آخرين من قادة وقواعد الحزب.

لن يلجأ نصرالله، لو ذهبنا الى العالم الافتراضي الى عبارة “لو كنت أعلم” التي استخدمها في حرب عام 2006، لكي يقول رأيه في تدخل الحزب في الحرب السورية. بل سيلجأ الى شكسبير ليقول ما يشبه ما قاله يوليوس قيصر”حتى أنت، يا بروتس؟” حيث كان يتحدث فيها الديكتاتور الروماني يوليوس قيصر لصديقه ماركوس جونيوس بروتوس في لحظة اغتيال قيصر. فيقول نصرالله للأسد اليوم: “حتى أنت يا بشار”؟

أما ما سيقوله قاسم ولو متأخرًا، فلا نعلم. لكن ما نعلمه أن الأخير يبدو أنه فاقد الذاكرة حتى لأحداث لم يمض عليها الزمن.

اخترنا لك
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com