رصد بوابة بيروت
كشفت مصادر لبنانية مطلعة أن الاجتماع الأخير للجنة “الميكانيزم” في الناقورة شكّل منعطفًا مهمًا في طبيعة المباحثات بين لبنان و”العدو الإسرائيلي”، بعدما جرى توسيع نطاق النقاش ليشمل ملفات سياسية واقتصادية، من بينها إنشاء منطقة اقتصادية مشتركة على الحدود، وسط اتفاق أوّلي على عقد جلسة ثانية في 19 ديسمبر الجاري.
ووفق المعلومات التي نقلتها المصادر لـ”إرم نيوز”، فإن اللجنة المكلفة بمراقبة وقف الأعمال العدائية بدأت تشهد تحوّلًا تدريجيًّا من إطار عسكري ضيّق إلى صيغة سياسية دبلوماسية أوسع، وهو مسار تقول المصادر إن بيروت وتل أبيب كلٌّ لأسبابه، ترغبان في تطويره.
ورغم أن هذا التحول ما يزال في بدايته، أكدت المصادر أن مشاركة وفود مدنية من الجانبين اللبناني والإسرائيلي في الاجتماع الأخير برعاية أمريكية، فتحت الباب أمام مناقشات سياسية غير مسبوقة بين الطرفين.
وبرز في الاجتماع مشاركة السفير اللبناني السابق في واشنطن سيمون كرم الذي ترأس الوفد اللبناني للمرة الأولى، مقابل يوري ريسنيك، مدير السياسة الخارجية في مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، وذلك برعاية المبعوثة الأمريكية مورغان أورتاغوس. ويُنظر إلى هذه الصيغة الجديدة باعتبارها تحولًا نوعيًّا في طبيعة الاجتماعات التي كانت تُعقد سابقًا بشكل أسبوعي وبصيغة مدنية لكنها ذات طابع عسكري.
رسائل سياسية بين السطور
ورغم تصريح رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام بأن “المحادثات تهدف فقط إلى تعزيز وقف إطلاق النار وليست مفاوضات سلام”، رجّحت المصادر أن هذه المواقف تهدف إلى احتواء الضغوط الداخلية، خصوصًا من “حزب الله” والقوى الرافضة لأي خطوة تُفسَّر كتطبيع مع “العدو الإسرائيلي”.
من جهتها، وصفت أورتاغوس الاجتماع بأنه “خطوة تاريخية نحو اتفاق شامل وواسع”، مؤكدة أن التبدّل في طبيعة اللجنة يجعل من “الميكانيزم” أداة سياسية لإدارة النزاع بدلًا من مجرد آلية رقابية ميدانية.
أما مكتب رئيس وزراء العدو الإسرائيلي بنيامين نتنياهو فوصف اللقاء بأنه “إيجابي ويمهّد لتعاون اقتصادي”، معتبرًا أن اللجنة باتت “طاولة تفاوض سياسي”، لكنه شدّد على أنّ أي تقدم إضافي مشروط بنزع السلاح الكامل.
ماذا بعد هذا التحول؟
ورغم إدخال شخصيات مدنية إلى اللجنة من كلا الجانبين، ما يعني ارتفاع منسوب الطابع السياسي للمحادثات، إلا أنّ هذا التطوّر أثار تساؤلات جدية حول ما إذا كان يمكن لمثل هذه الخطوة أن تدفع تل أبيب للتراجع عن تهديداتها المتكررة بشن حرب جديدة على لبنان.
فالاجتماع أحدث اختراقًا في الشكل والمضمون، لكن توازنات الصراع وتعقيدات الجنوب تبقى العامل الحاسم في تحديد مستقبل هذا المسار، الذي لا يزال في بداياته، لكنّه يحمل ملامح تغيير محتمل في إدارة النزاع بين الجانبين.