“ظلم في السوية عدل في الرعية”
–
بقلم سمير سكاف – كاتب ومحلل سياسي

كاتب وخبير في الشؤون الدولية
يحتاج اللبنانيون وكل مقيم على الأرض اللبنانية، باستثناء سفارات الدول والبعثات الديبلوماسية التي يستضيفها لبنان، أن يرفعوا حصراً العلم اللبناني.
ومن الضروري، أن تبقى حتى الأعلام الحزبية، في وعلى مراكز أحزابها فقط، من دون أن تتجول في الشارع!
ومن الضروري أن تعتاد هذه الأحزاب وكل مجموعة سياسية على رفع العلم اللبناني وحده في كل تحركاتها!
وفي المبالغة، وعلى سبيل النكتة، و”بين المزح والجد”، يمكن منع أعلام البرازيل وألمانيا وأيضاً الأرجنتين وفرنسا وإسبانيا… خلال المونديال! “وأنا شخصياً من عشاق كرة القدم ومن المتحمسين في التشجيع الكروي، وكنت قد قمت بتغطية أكثر من مونديال”!
فعلى الجميع في لبنان تشجيع المنتخب اللبناني، حتى ولو لم يشارك في المونديال! وبعده من الممكن تشجيع المنتخبات العربية أو المنتخبات الأخرى… مع العلم اللبناني!
وفي السؤال، هل هناك مظاهرات أم مسيرات بالسيارات أو الدراجات النارية تجوب دمشق أو طهران على سبيل المثال تحمل العلم اللبناني أو تحمل صوراً لزعيم لبناني؟ لماذا إذن يحمل بعض اللبنانيين في السياسة علم بلد غير بلدهم، أو صور زعيم من غير بلدهم؟!
في الواقع، يكفي لبنان الالتزام بالسياسات العربية في إطار جامعة الدول العربية.
ولم يعد من المقبول بالتالي إدخال لبنان في المحاور وفي سياسات المحور!
كما ليس من المقبول المشي، في التأثير على السياسة اللبنانية من خارج الحدود، بقياس المثل “كل من أخد أرملة عمي بيصير عمي!”
أي أن اللبنانيين غير ملزمين بالتغييرات السياسية في إيران وسوريا والعراق وتركيا وفلسطين والولايات المتحدة وروسيا… وحكماً في الحكومات الاسرائيلية العدوة!
إن التعاطي مع النظام في سوريا وفي إيران مثلاً يكون حصراً عبر المؤسسات اللبنانية الرسمية.
أما الشارع اللبناني فيكون لبنانياً، تحت قيادة لبنانية رسمية. فقيادة اللبنانيين لا تكون لا بولاية الفقيه، ولا بنظام الأسد ولا بنظام الشرع ولا بأي نظام آخر!
وهذا مغاير عن ضرورة التعاطي الأخوي مع الشعب السوري في سوريا، كما مع كل الإخوة العرب، أو مع الشعب الإيراني.
ومن الضروري التوصل الى حسن العلاقات مع الجميع، مع ضرورة العمل على وقف الاعتداءات الاسرائيلية، وتأطير العلاقة مع اسرائيل في إطار اتفاق الهدنة أو غيرها من الاتفاقيات التي يمكن للسلطة التنفيذية في لبنان العمل على إنجازها.
وذلك، مع ضرورة العمل على عودة النازحين السوريين، كما اللاجئين الفلسطينيين الى أرضهم بعزة وكرامة، بأسرع وقت ممكن!
وعودة النازحين السوريين الى سوريا لإعادة إعمارها هي حاجة لسوريا وللبنان. فالإعمار الموعود يحتاج لجهود الجميع، ويفتح فرصاً هائلة للعمل وللاستثمار وللوظائف.
أما موضوع النظام في سوريا، كما في إيران، فهي مسائل تخص الشعب السوري في سوريا والشعب الإيراني في إيران!
وكما أن اللبنانيين عامة يرفضون تدخل أي كان في شؤونهم، فمن الطبيعي ألا يتدخلوا في شؤون أي كان!
ومن غير الطبيعي أن يتحول اختلاف اللبنانيين الى خلاف في أي شيء! فالتنوع والتعدد في المعتقدات والقناعات والآراء لا تخلف لا الود ولا القضية!
ومع ذلك، فإن ما هو غير مقبول هو تعدد الانتماءات وتعدد الولاءات في قضايا يُفترض أن تكون وطنية وجامعة!
يحتاج اللبناني أن يكون لبناني الانتماء أولاً وفقط! طبعاً الحديث هنا هو في السياسة والمواطنة وليس في المعتقدات الدينية والقناعات الشخصية.
لبنان ليس مسرحاً، ويجب ألا يكون مسرحاً، لسياسات الدول الأخرى! يكفي لبنان شروره الحاضرة وشرور مستقبله، ولا داعي لاستجلاب مشاكل الآخرين للاختلاف عليها!
عندما نصبح “كلنا للوطن للعلى للعلم”، ويرفع اللبنانيون العلم اللبناني وحده، يكون ذلك مدخلاً لحل نصف مشاكل لبنان على الأقل!