وثائق تكشف آلية تهريب منظمة في #بنك_عوده…

حماية «الزبائن المحظيين» واستنزاف حقوق المودعين

حماية «الزبائن المحظيين» واستنزاف حقوق #المودعين

بقلم بلال مهدي – خاص بوابة بيروت
@BilalMahdiii

تتكشّف يوماً بعد يوم خيوط جديدة من الانهيار المالي الذي دمّر مدّخرات اللبنانيين، لكنّ الوثائق التي حصلت عليها “Revue21” الفرنسية تذهب أبعد من ذلك، إذ تميط اللثام عن منظومة مالية موازية أنشأها فرع بنك عوده في باريس، سمحت لفئة محدودة من الزبائن “سياسيين ورجال أعمال وسفارات” بالوصول إلى أموالهم كاملة، في وقت حُرم فيه مئات آلاف اللبنانيين من أبسط حقوقهم المصرفية داخل الوطن.

أموال محمية… خارج حدود الانهيار

بينما كان اللبنانيون يصطفّون أمام المصارف المغلقة ويُحتجز بعض الموظفين بالقوة تحت ضغط المودعين، كان فرع بنك عوده في جادة الشانزيليزيه الفرنسية، يقدّم خدماته «بشكل طبيعي»، مدعوماً بتحويلات مالية هائلة نُقلت من لبنان منذ بداية الأزمة، بلغ حجمها ما لا يقل عن 550 مليون دولار و200 مليون يورو.

هذه السيولة لم تُنقل عبثاً، بل وُضعت في خدمة هدفين رئيسيين:

1. حماية «شبكة الزبائن المحظيين» المرتبطين بمراكز نفوذ سياسية ومالية.

2. تأمين احتياطي مالي يُستفاد منه لاحقاً في إعادة رسملة البنك، بعد اقتطاع الخسائر من المودعين العاديين.

عمليات عالية المخاطر بلا أي تبليغ

تفيد الوثائق بأن فرع بنك عوده في باريس اعتمد آلية تسمح بإعادة تدوير الأموال بعيداً عن أنظمة المراقبة الفرنسية الخاصة بمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب. وقد شملت هذه العمليات حسابات تُصنّف «عالية المخاطر» بطبيعتها، من بينها:

– سفارات السعودية ولبنان والعراق مع إيداعات نقدية بملايين اليوروهات.
– مؤسسات فاخرة في باريس مثل Élysées Shopping، ودار الأزياء Zuhair Murad، وشركة طيران MEA.

ورغم أن القانون الفرنسي يفرض تبليغ هذه العمليات تلقائياً، تشير المعلومات إلى أنّ ذلك لم يحدث، ما أثار شكوكاً حول وجود «تسهيلات خاصة» لهذه الفئة من الزبائن.

الدائرة الضيقة : الحريري… وحجيج

يكشف التحقيق أيضاً عن استفادة أطراف متنافسة سياسياً من الخدمة نفسها. فقد نفّذ رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، إلى جانب مستشاره السابق في باريس جوني عبده، عمليات إيداع نقدي تجاوزت 260 ألف يورو في حسابات يديرها الفرع الفرنسي.

وفي المقابل، تشير الوثائق إلى أنّ عائلة قاسم حجيج، أحد أبرز المموّلين المرتبطين بـ«حزب الله» والمدرج على قوائم العقوبات الأميركية، أجرت عبر البنك تحويلات نقدية ومصرفية، بينها 1.7 مليون يورو خُصصت لشراء عقار في باريس.

نقل أموال لحماية الأصول من القضاء الفرنسي

مع تصاعد دعاوى المودعين اللبنانيين أمام القضاء الفرنسي عامي 2021 و2022، بادر البنك إلى نقل عشرات ملايين الدولارات إلى شركات هولدنغ تابعة له، بهدف منع الحجز عليها من قبل المحاكم. وقد بلغت قيمة هذه التحويلات أكثر من 43 مليون دولار، وُضعت جانباً بانتظار أي مفاوضات محتملة لإعادة هيكلة القطاع المصرفي في لبنان.

تحذيرات بلا إجراءات

رغم خطورة المعطيات، اكتفت هيئة الرقابة المصرفية الفرنسية ACPR نهاية العام الماضي بإصدار تحذير عام حول «المخاطر المرتفعة» للمصارف اللبنانية العاملة في فرنسا، من دون اتخاذ خطوات عقابية أو فتح تحقيق رسمي.

كما يخلص التحقيق إلى أن جزءاً من النظام المصرفي اللبناني أعاد إنتاج نفسه في قلب باريس، وخصوصاً في «المثلث الذهبي» الفاخر، فيما تُرك المودع العادي يواجه مصيراً مجهولاً داخل بلد يعاني من انهيار غير مسبوق.

هكذا، وبينما تستمر المعارك القضائية في لبنان والخارج لاستعادة الودائع، يظلّ النموذج ذاته قائماً، أرباح وحماية للنخب… وخسائر يدفع ثمنها المواطنون المنهوبين فقط.

اخترنا لك